ar_porsesh4-ch1_6.htm

علاقة القانون بالحریة

سؤال: هل یمكن القول: اذا اخلَّ القانون بالحریات الفردیة فلا اعتبار له؟ او هل یمكن ان نقول بعبارة اخرى: ان الحریات الفردیة فوق القانون؟

جوابه: ان الاجابة على هذا التساؤل تختلف فی ضوء اختلاف الرؤى. فنظراً لان الغایة وفق الرؤیة اللیبرالیة لیست سوى التلذذ بالحیاة الدنیا، فلن تكون للقانون مهمة سوى توفیر اسباب اللذة، ولا دخل للقانون ما دامت لم تطرأ مضایقة لحریات الآخرین وشهواتهم، وفی ضوء ذلك سیكون للقانون دورٌ محدودٌ للغایة، وعلى الدولة ان تمارس ادنى مستوى من التدخل فی حیاة الناس، وبهذا یتبلور للعبارة المتقدمة معناها بان رعایة الحریات مقدّمة على القانون أو ان الحریات فوق القانون.

أما فی التصور الاسلامی فان القانون انما یرسم الخط الصحیح لحیاة البشر، ویقود المجتمع نحو مصالحه المادیة والمعنویة، من هنا فان على الحاكم الاسلامی ازالة العراقیل التی تحول دون تحقیق هذا الهدف.

فی ضوء ما تقدم ینبغی العلم ان القانون بوصفه «القضیة التی تحدّد الحق لفرد والتكلیف على الآخرین» لا یكتسب معنى إلا اذا كان الأفراد غیر أحرار فی القیام بأی فعل یریدونه، وفی غیر هذه الصورة فان الحدیث عن القانون والقانونیة سیكون عبثاً، فاذا ما أُرسی البناء فی المجتمع على ان یفعل كل امرئ ما یحلو له لم تعد ثمة حاجة للقانون.

وحتى هذه القضیة القائلة «ان لجمیع الناس الحق فی اختیار سكناهم بحریة» انما تعنی اثبات الحق لجمیع الناس من ناحیة واثبات التكلیف علیهم من ناحیة اخرى. وبتعبیر آخر: انما یتحقق حق اختیار السكنى للفرد عندما یحترم الآخرون هذا الحق، ویعتبرون انفسهم ملزمین باحترام حق هذا الفرد المخصص له، فلیس هنالك قانون فی العالم یخلو من «الواجبات والممنوعات»، بل ان شأن القانون فی الاصل هو تقیید الحریة، فعندما یقال علیك ان تفعل كذا فذلك معناه ان لا تفعل ضدَّ ذلك العمل.

اذا ما صرح قانون بانه: «یجب ان لا تُقید ایة حریة»، فهذه العبارة بذاتها متناقضة «paradoxical» لان القانون هو ما یحدد الحریة، وهذا القانون یكون قد سلب حریة تقیید الحریة وقیّدها أی انه نقض نفسه. وبالامكان تصحیح الأمر وذلك بان نقرر حریات معینة أولاً ومن ثم نقول: یجب مراعاة هذه الحریات. وفی مثل هذه الحالة یصدق القول الاخیر وهو ان هذا القانون فوق سائر القوانین.

بناءً على هذا فالشعار القائل «لا یحق لأی قانون تقیید الحریات» اذا كان المراد به مطلق الحریة فهو یؤدی الى التناقض، واما اذا كان المراد به بعض الحریات فاننا نتساءل أیاً من الحریات تقصدون؟ فاذا اجابوا: الحریات المعقولة والمشروعة والقانونیة فاننا نتساءل ثانیة: مَن وأیّ قانون یجب ان یبیّن هذه الحریات المشروعة والمعقولة والقانونیة؟ هل هی الحریات التی شرَّعها الاسلام وأذِنَ بها؟ فاذا كان الجواب بالایجاب فذاك ما كان موجوداً فی النظام الاسلامی منذ بدایة قیامه، بل لا یمكن القول بما سوى ذلك فی ظل النظام القائم على الدین، واذا ما قلتم انها الحریات المتعارف علیها دولیاً أو الواردة فی الاعلان العالمی لحقوق الانسان، أو الواردة فی المذهب المادی واللیبرالی، فسوف نقول: ان بعضاً مما یُعدّ حریات مشروعة ومعقولة فی عالم الیوم أو اعلان حقوق الانسان أو المذهب المادی واللیبرالی یتناقض مع الاسلام والفكر الدینی من حیث المبنى والاصول ومن حیث البناء والنتیجة، ولا یمكن ان تحظى بقبول أی مسلم; وانما یمكن القبول فقط ببعض هذه الحریات التی لا تتناقض مع الاسلام، فلا یبقى مجال للیبرالیة باعتناق الاسلام، والعكس صحیح. وذلك لتناقضهما، ولهذا فان ارباب السیاسة فی امریكا والغرب یعتبرون النظام الاسلامی اكبر خطر وعدو بالنسبة لهم.

* * * * *


بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...