ar_porsesh4-ch1_8.htm

معنى الآیة «لا إِكْراهَ فِی الدِّینِ»

سؤال: ما معنى الآیة الكریمة: لا إِكْراهَ فِی الدِّینِ؟

جوابه: ان الایمان ثلاث شعب هی: الایمان بالقلب والاقرار باللسان والعمل بالاحكام، بید ان الركن الاساس للدین هو الایمان القلبی والاعتقاد، من هنا لا یمكن ارغام ای انسان على اعتناق معتقد معین، فمعتقدات كل انسان تكمن فی صندوق عقله وقلبه الذی یتعذر على أی أحد الوصول الیه، ومغزى الآیة الكریمة بیان هذا الامر الواقعی والتكوینی المتمثل فی ان جوهرة الدین لیست مما یُفرض ویُملى.

ولكن هل یجوز الاجبار فی مرحلة الكلام والعمل أم لا؟ ینبغی تناول هذا الموضوع على مرحلتین هما:

أ ـ هل یمكن اجبار من لم یُسلم على اعتناق الاسلام أو الالتزام بالاحكام الدینیة؟

ب ـ هل یمكن ارغام المسلم على الالتزام بالاحكام الدینیة؟

حریٌّ القول فیما یخص الطائفة الاولى: ان الاسلام اعترف ببعض الادیان، منها على القدر المتیقن الیهودیة والمسیحیة والزراتشتیة التی یتسنى لأتباعها ان یعیشوا فی ظل الحكومة الاسلامیة بصفتهم من اهل الكتاب والذمة ووفق احكام خاصة. بل بمقدور الكفار ایضاً ان یعیشوا فی الدولة الاسلامیة ان كانوا من المعاهدین «ای ممن یلتزم بمعاهدة ومیثاق»، فالاسلام لا یأمر الیهودی أو الزراتشتی باقامة الصلاة أو الزواج وفقاً للاحكام الاسلامیة وغیر ذلك.

والفئة الثانیة من غیر المسلمین هم الكفار المحاربون والمعاندون الذین تجب محاربتهم اذا ما وقعت الحرب حتى یستسلموا.

أما فیما یتعلق بالطائفة الثانیة، فالنقاش یدور بین المسلمین حول: هل بوسع المسلم القول: أرید ان احتسی الخمر جهاراً فی الطرقات والازقة، أو العب القمار، أو لا ارغب فی ارتداء الحجاب الشرعی، أو التظاهر ضد الاسلام؟

لقد تصور البعض امكانیة تجویز مثل هذه الممارسات وذلك بالاستناد الى حق الحریة ویقولون مجادلین: أوَ لم یكن فی صدر الاسلام مَن كانوا ینكرون وجود الله مثل ابن ابی العوجاء؟ أَوَ لم ینسبوا المعصیة للامام المعصوم؟ أو لم یكفل الدستور هذه الحریات... الخ؟

والاجابة هی: كلا فالاسلام یتصدى للتجاهر بالفسق، فلیست حریة العمل والتعبیر عن الرأی غیر مقیدة فی الاسلام، فلا یمكن القیام بأی عمل أو اطلاق أی كلام فی ظل الحكومة الاسلامیة، فتشریع الامر بالمعروف والنهی عن المنكر انما جاء لمراعاة الحدود، وان من اسباب اقامة الحكومة فی الاسلام هو التصدی للمحرمات والمخالفات الشرعیة، ولقد اجاز الاسلام التدخل فی شؤون الآخرین وفرض القیود على الناس فی مواطن معینة والى حدٍّ ما بل أوجبها، وان الكلام برمته لیدور حول تعیین حدود الحریة.

والخلاصة ان الاسلام لا یسمح بمحاربة الدین والتآمر على النظام والتجاهر بالفسوق، وهو یرفض هذه الامور بكل شدة. والاسلام یجیز الرحمة والرأفة والمداراة والمسامحة فی محلها، فیما یجیز الشدة والغلظة والقوة والصلابة فی موضع آخر، ولا وجود فی الاسلام لصنم باسم الحریة والدیمقراطیة اعلى من الدین وافضل منه.

ان مستوى الدین فی الثقافة الغربیة بمستوى مجموعة من النصائح الاخلاقیة ومثلُه كتوصیات حكیم وواعظ یعمل بها بعض الناس ویتركها آخرون. فالعاصی هو یعلم بمعصیته والقسیس والكنیسة والله. وكما انه لا یُعتقل من یكذب أو یرتكب الغیبة، فكذا الأمر بالنسبة للخمّار ولاعب القمار والاباحی. لذلك اذا ما قیل للمتبرجة: لماذا خرجت الى الزقاق والشارع بهذه الحالة؟ فانها تجیب: لا شأن لكم بذلك، كیف تسمحون لانفسكم التدخل فی شؤون الآخرین. وربما ینتهی الأمر للمرافعة والمحكمة.

وفی بلداننا الاسلامیة ومجتمعاتنا ینحو البعض شیئاً فشیئاً نحو هذه الرؤیة والحریة. بینما ان هناك بوناً شاسعاً بین مجتمعنا والمجتمع الغربی وبین الاسلام والمسیحیة المتبناة لدیهم، فكما تقدم قوله بالاضافة الى فریضة الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر والرقابة العامة فی الاسلام، فان على الدولة التصدی للتجاهر بالفسوق وانتهاك الحرمات، ولا یفوتنا القول ان هذا الكلام یجری عندما یرتكب امرؤ المخالفة علناً امام الآخرین ووسط المجتمع، والاّ اذا ما ارتكب شخص محرماً وكان متخفّیاً فلا یجوز للآخرین التحری والتنقیب، ولیس لهم البوح بالاسرار فی حالة معرفتهم بالامر، لان اسرار الناس محترمة: وان حرمة التجسس على حیاة الآخرین وعدم التدخل فیها انما تخص مثل هذه الحالات. بناءً على هذا لا تناقض بین الامر بالمعروف والنهی عن المنكر وبین عدم التجسس على الحیاة الخاصة للآخرین، لان مجال الحكم الاول هو ارتكاب المخالفة امام الآخرین، ومجال الحكم الثانی هو ارتكاب المخالفة فی الخفاء وبعیداً عن انظار الآخرین.

* * * * *


بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...