آیة الله مصباح الیزدیّ: بیت قصید الخلقة هو الإنسان

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ ففی لقاء للعلاّمة محمّد تقی مصباح الیزدیّ مع جمع من طالبات جامعة الزهراء (سلام‌الله‌علیها) وجامعات محافظتی «لرستان» و«یزد» وذلك فی ظهر یوم الخمیس الموافق للسابع عشر من أیّار 2012م قال سماحته مبیّناً بعض عجائب عالم الخلقة: تُكتشف كلّ یوم زوایا جدیدة من عالم الوجود بحیث إنّ المسافة التی تفصل بین بعض أجزائه قد تصل أحیاناً إلى ملایین السنین الضوئیّة، وقد ثبت الیوم أنّ امتداد الكون هو على جانب من السعة بحیث إنّ النجمة التی قد اندثرت وتلاشت قبل ملیون سنة من الآن لم یصل ضوؤها إلى الأرض إلاّ حدیثاً وهی مسافة لا یمكن تصوّرها من قبل الكثیر من الأذهان.
وتابع سماحته: الإنسان باعتباره كائناً یعیش فی فضاء هذا الكون غیر المتناهی یستطیع إنجاز بعض العملیّات العقلیّة المعقّدة، ذلك أنّ الإنسان هو مخلوق مختلف عن سائر المخلوقات وهو مختار ویستطیع بإذن الله تعالى أن یطوی الطریق ویختار مسیر حیاته بنفسه.
وعبر بیان اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة بأنّ بیت قصید الخلقة هو الإنسان قال: إنّ الهدف من خلقة الإنسان هو التقرّب إلى الله تعالى، لكن لمّا كان الإنسان موجوداً مختاراً فإنّه یسیر نحو الكمال بالذات، لكنّ الناس – بالعرض – مختارون وباستطاعتهم أن یكونوا جهنّمیین أیضاً.
ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ خلقة الناس مختلفة وأضاف: یستطیع الإنسان بعنوان كونه خلیفة لله أن یختار مسیرة حیاته لكنّ الناس یختلفون فی مستوى الانتفاع من عقولهم.
وأشار العلاّمة مصباح الیزدیّ أنّ الأنبیاء هم واسطة فی تلقّی الوحی وقال: الناس محرومون من استلام الوحی بشكل مباشر وهم یحصلون على معارف الوحی بواسطة الأنبیاء أولی العزم (علیهم السلام)، غیر أنّ نسبة انتفاع الناس من الوحی متفاوتة أیضاً وإنّ كلّ امرئ یوفَّق لإدراك بعض هذه المعارف بمقدار ما یبذل من جهود فی هذا السبیل.
وتابع العلاّمة الیزدیّ قائلاً: مضافاً إلى امتیاز الخلافة الذی أعطاه الله تعالى لعامّة خلقه فقد منح میزات خاصّة اُخرى للمصطفَین من عباده وهی الخلافة فی التعلیم، فقد وهب بعض عباده المختارین القدرة على تعلیم الناس وتربیتهم.
وأوضح عضو مجلس خبراء القیادة أنّ المعلّمین هم وسائط لهدایة الآخرین وقال: دور المعلّم فی المجتمع یتضمّن هدایة نفسه بالدرجة الاُولى ثمّ هدایة الآخرین. فالمعلّم فی المجتمع الإسلامیّ یُعدّ خلیفة لله تعالى، وكما قد تولّى الأنبیاء (علیهم السلام) مهمّة هدایة العباد بشكل مباشر فإنّ المعلّمین یقومون بنفس هذه المهمّة بالواسطة.
وبعد أن تطرّق اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى بیان قیمة عمل المعلّمین قال مستشهداً بحدیث شریف: لیس هناك فی العالم من منصب هو أسمى من خلافة الله فی حقل التعلیم والتربیة، وإنّ ما یؤیّد هذا المدّعى هو قول رسول الله (صلّى الله علیه وآله) یخاطب به أمیر المؤمنین (علیه السلام) عندما بعثه إلى الیمن مع عدد من الرجال لتهدئة الأوضاع هناك؛ حیث قال له: «... وأیمُ اللهِ لأَن یهدیَ الله على یدیك رجلاً خیر لك ممّا طلعَتْ علیه الشمس وغربَتْ» .
وبیّن العلاّمة الیزدیّ أنّ أوّل وآخر هادٍ هو الله عزّ وجلّ أمّا سائر الناس فهم وسائط فی الهدایة وأضاف: إنّ لعملیّة هدایة أیّ إنسان من القیمة ما لا تُقاس بها أیّ حسنة. ففی الخبر عن رسول الله (صلّى الله علیه وآله) ما مضمونه أنّ مقام الهدایة لا یختصّ بأمیر المؤمنین علیّ (علیه السلام) وإنّ القیمة العلیا المبیَّنة لها تتعلّق بنفس عملیّة الهدایة. ومع ذلك فلابدّ أن نعلم بأنّنا جمیعاً إنّما نقتات على فتات مائدة مولانا علیّ وآل علیّ (علیهم السلام).
وفی معرض إشارة سماحته إلى الطرق المتّبعة فی الهدایة قال مؤكّداً: إنّ أهمّ طریق لهدایة الشباب والناس هو طرح التعالیم الإسلامیّة الأصیلة ووضعها فی متناول الجمیع والإجابة على الشبهات. ولحسن الحظّ فإنّ هناك مؤلّفات نفیسة فی حقل التعالیم الإسلامیّة الغنیّة ومن جملة هذه الآثار القیّمة والمفیدة لعامّة الناس هی كتب الشهید المطهّری.
وأثنى عضو مجلس خبراء القیادة كثیراً على الشخصیّة العظیمة للشهید المطهّری وقال: إنّ قیمة آثار الشهید المطهّری تنبع من كونه قد وقف نفسه لله عزّ وجلّ. وإنّه لیندر العثور على رجل تصل بركاته الوجودیّة إلى مستوى الشهید المطهّری، هذا فی حین أنّه رحل عنّا فی وقت كان فیه الناس حدیثی العهد بالتعرّف علیه والكثیر من المشتاقین كانوا یتمنّون الاستفاضة من وجوده المبارك.
وأكّد اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ على ضرورة الاستمرار فی طریق الشهید المطهّری والحّافظة على ما قدّمه من مُثُل وأضاف: إنّ طریق الشهید المطهّری لم ینته بعد فهناك مهمّات كثیرة على صعید نشر الثقافة الإسلامیّة لا زالت غیر مُنجَزة؛ من جملتها الشبهات العقائدیّة – الثقافیّة الجدیدة التی تُعدّ الإجابة علیها ومواجهتها الرسالة الرئیسیّة التی ینبغی لمثقفی البلاد حملها.
وأضاف رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث قائلاً: إنّ للخلافة مراتبَ كثیرة وإنّ ظفر المرء بمنزلة خلافة الله تعالى یقتضی منه عدم السكوت فی مقابل ما یحدث فی العالم من مشاكل وأن یبذل غایة جهده بما اُوتی من وسع وقدرة لنشر الـمُثُل الإلهیّة والقیم الإنسانیّة.
وتابع العلاّمة الیزدیّ قائلاً: منذ ألف وأربعمائة عام والنبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) قد عرّف خلفاءه فی آخر الزمان بأنّهم اُناس مهدیّون وهم یعملون على هدایة الآخرین.