آیة الله مصباح الیزدیّ: واجبنا هو إعلاء الهمم، والتغاضی عن المصالح الشخصیّة العابرة، وأن ننشر الدین إلى العالم عبر التأسیس لنشاطات بنیویّة

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی قمّ المقدّسة لدى لقائه بجمع من طلاب مدرسة المعصومیّة العلمیّة، أشار إلى خصوصیّات العصر الحاضر، لاسیّما ما یشهده من تسارع فی الحركة وتحوّلات الحیاة قال سماحته: فی الماضی كان حصول التحوّلات فی المجتمعات البشریّة یستغرق أعواماً وربّما قروناً، أمّا فی عصرنا الحالیّ فإنّ تحوّلات أعمق وأشدّ تحصل فی زمن أقصر من ذی قبل.
وفی معرض الإشارة إلى انتصار الثورة الإسلامیّة قال سماحة العلامة مصباح الیزدیّ: إنّ الظروف التی سنحت بسبب انتصار الثورة وما أعقبها من توفّر الإمكانیّات لانتشار الإسلام إلى أصقاع المعمورة لم تكن لتخطر حتّى على بال أكثر الأشخاص تفاؤلاً.
وتنویهاً بالظروف الراهنة التی تشهدها البلاد قال سماحته: هذا البلد الذی كان یوماً عمیلاً لأمریكا ولم یكن له أیّ دور فی المعادلات الدولیّة، بل وكان سیّئ الصیت بین الدول الإسلامیّة حتّى أنّهم كانوا یطلقون علیه اسم «أخ الیهود»، صار الیوم بلداً فی ذروة الاقتدار والعزّة وشدید التأثیر على المعادلات الدولیّة.
وتبییناً للنعمة العظیمة المتمثّلة بالثورة الإسلامیّة قال سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: فی البلد الذی كان فیه عالم الدین یوماً سبباً للعار لأهله وعشیرته، بل وإنّ کثیرا من المتدیّنین فیه كانوا یعتبرون الانخراط فی سلك علماء الدین ضرباً من الاستجداء المحترم، والذی كان الشاه فیه یدیر البلاد ویسوس العباد بدعم من أمریكا ومستشاریها، لم یكن أحد حتّى لیحلم أن یتصدّى عالم دین لسدّة الحكم فیه، وأن لا یتّخذ ذلك صبغة قانونیّة فحسب، بل أن یعشقه الشعب بأجمعه إلى هذه الدرجة.
وفی إشارة لعضو مجلس خبراء القیادة إلى نعمة ولایة الفقیه قال سماحته: حتّى فی خضمّ أمواج الفتنة الأخیرة العاتیة فإنّ قائد الثورة هو الذی أوصل سفینة النظام إلى برّ الأمان عبر دور یشبه الإعجاز.
وألمح سماحته إلى وجود تحوّل روحیّ ومعنویّ فی المجتمع وأضاف: من شأن العوامل العادیّة المتمثّلة بانتشار وسائل الإعلام والتقدّم التقنیّ وما إلى ذلك أن تقود إلى تزاید التوجّه نحو المادّیات والملذّات المادّیة، وأصناف الفساد الأخلاقیّ والاجتماعیّ، لكنّه على الرغم من أنّ أمثال هذه الاُمور قد أثّرت تأثیرات ملحوظة فی مجتمعنا أیضاً، لكنّه یوجد إلى جانب ذلك أیضاً نزوع شدید غیر قابل للتفسیر نحو المعنویّات والقیم السماویّة ممّا یُعدّ مؤشّراً على الإرادة الإلهیّة.
وعدّ العلامة مصباح الیزدیّ التطوّرَ الصناعیّ الحاصل فی البلاد على ید العلماء الإیرانیّین الشباب رهناً بجهود أشخاص ذوی همم عالیة وقال: الأشخاص الذین سجّلوا تلك الاختراعات العلمیّة یصنَّفون ضمن ذوی الهمم العالیة الذین لا ینتظرون من أعمالهم نتائج سریعة وعاجلة، وبطریق أولى فإنّ من واجبنا ـ تجاه ما أنعم الله به علینا من جزیل النعمة المتمثّلة بالحكومة الإسلامیّة ـ أن نُعلی الهمم ونتغاضى عن المصالح الشخصیّة العابرة، وأن ننشر الدین إلى العالم عبر التأسیس لنشاطات بنیویّة.
وفی إشارة لعضو مجلس خبراء القیادة إلى توقّعات طلبة العلوم الدینیّة لدى دخولهم الحوزة العلمیّة وما یواجهونه من قصور وعقبات، أضاف سماحته: لا ینبغی للنقص والعقبات الموجودة أن تولّد فینا حالة من الیأس، ذلك أنّ نظرة طالب العلم إلى واجبه هی نظرة جهادیّة، ولیست نظرة وظیفیّة ومهنیّة. بالضبط كما كان حال المجاهدین فی سنین الدفاع المقدّس الثمانیة حیث لم یكن یحدوهم إلى التضحیة بالنفس فی سبیل الله سوى أداء التكلیف الإلهیّ.
وأكّد سماحته على أنّه لابدّ لطلاب العلوم الدینیّة أن یهُبّوا للجهاد العلمیّ لصدّ هجمات أعداء الدین، وقال: إنّ قیمة عمل طلاب العلوم الدینیّة الذین یحملون هذه الرؤیة یفوق قیمة عمل المجاهدین إبّان الدفاع المقدّس أضعافاً مضاعفة، ذلك أنّ هؤلاء قد وقفوا فی مواجهة أعداء الماء والتراب، أمّا طلاب العلوم الدینیّة فإنّهم ینهضون لصدّ أعداء الدین، ویجاهدون لصیانة تراث الأنبیاء، والحفاظ على میراث سیّد الشهداء (علیه السلام). فإنْ نحن نظرنا إلى مسألة إبلاغ الدین، وطلب العلم، والبحث والتحقیق العلمیّ بهذه الرؤیة فسیُذَلَّل ویتضاءل كلّ ما یواجهنا على هذا الدرب من مشاكل.
وفی معرض إشارة العلامة مصباح الیزدیّ إلى أنّ الحرب بین الحقّ والباطل قائمة منذ بدء الخلیقة وهی مستمرّة فی المستقبل أیضاً، تابع سماحته قائلاً: إنّ التوسّل بصاحب الأمر (عجّل الله تعالى فرجه الشریف) والتوجّه إلى شخصه كان ولا یزال الأمل الذی یشدّ على أیدی طلاب الدین. ولیعلم هؤلاء الطلبة أنّهم إن وظّفوا جهودهم وهممهم من أجل إدخال السرور إلى قلب صاحب الزمان (علیه السلام) وإرضائه عن صدق من نیّاتهم فإنّه (علیه السلام) لن یذرهم وشأنهم أبداً.