الجلسهَ الثامنهَ: شعب الشک

تاریخ: 
جمعه, 9 ارديبهشت, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 29 آب 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

شُعَب الشكّ

تبریرٌ لسیاق الحدیث

«وَالشَّكُّ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى التَّمَارِی وَالهَوْلِ وَالتَّرَدُّدِ وَالاسْتِسْلامِ؛ فَمَنْ جَعَلَ المِرَاءَ دَیْدَناً لَمْ یُصْبِحْ لَیْلُهُ، وَمَنْ هَالَهُ مَا بَیْنَ یَدَیْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَیْهِ، وَمَنْ تَرَدَّدَ فِی الرَّیْبِ وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّیَاطِینِ، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ هَلَكَ فِیهِمَا»1.
تعرّضنا فی المحاضرات الأخیرة إلى حدیث عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) جواباً لمن سأله عن الإیمان وقلنا: بالطبع إنّ التعرّف على أضداد حقیقةٍ مّا یزید من معرفة الإنسان بهذه الحقیقة. ولعلّ هذا هو ما دفعه (علیه السلام) فی نهایة الحدیث – وفقاً لنقل نهج البلاغة – إلى التطرّق إلى الكفر والشكّ أیضاً.
فبعد أن استعرض دعائم الكفر یقول علیّ (علیه السلام): إنّ للشكّ أربعَ شُعب. وقد سبق أن قال فی الإیمان: إنّ له أربعَ دعائم وقد بیّن لكلّ دعامة أربعَ شُعب، أمّا فیما یتعلّق بالكفر فقد اكتفى بالقول: إنّ له أربع دعائم ذاكراً آثار كلّ منها. لكنّه یقول هنا بخصوص الشكّ: إنّ للشكّ أربعَ شُعب. ویمكننا القول إجمالاً تبریراً لهذا الترتیب: إنّ الإنسان إمّا أن تكون له معرفة وافیة بحقائق الدین فیؤمن بها، أو إنّه على الرغم من إحاطته بها أو التمتع بمعرفتها لكنّه یُنكر هذه الحقائق، أو إنّه یبقى فی حالة من الشكّ والریبة. ولقد جاء المقطع الأخیر من هذا الحدیث توضیحاً لحالة الشكّ. بطبیعة الحال إنّ مَن یسعى وراء معرفة الحقائق فإنّه لا یكتفی بالشكّ بأیّ حال من الأحوال. لكنّ المرء - وبسبب عروض حالات خاصّة - قد لا یفتّش عن الحقیقة ویتوقّف فی حالة الشكّ هذه. والظاهر أنّ الشُّعب الأربع التی یذكرها أمیر المؤمنین (سلام الله علیه) للشكّ تعبّر عن أربعة أنواع من الحالات التی یمكن أن تنتاب الإنسان الشاكّ.

المراء هو الشعبة الاُولى للشكّ

«التماری». «تمارَى» هو باب «تفاعَل» من «المِراء». فقد یكون المرء أحیاناً فی مقام معرفة الحقیقة فإذا بحالة المراء تصبح ملَكَة عنده فلا یوفَّق إلى الاستمرار فی البحث ولا یصل - بسبب ذلك - إلى نتیجة. فالذی یرید البحث یتعیّن علیه أن یناقش ویدرس كلّ احتمالات المسألة محطّ البحث ویفتّش عن دلیل لكلّ واحد منها، وإذا ما طرأت شبهة بادر إلى السؤال والاستفسار. فلا بأس على الإطلاق فی مثل هذا البحث وإنّ هذه الأسئلة والأجوبة تأتی متمّمة للبحث والتحقیق. أمّا إذا بنى المرء أمره على تفنید كلام كلّ مَن یتناقش معه والتشكیك فی ما یقوله، فستتحوّل هذه الحالة شیئاً فشیئاً إلى ملَكة عنده فیحاول باستمرار إبطال وتفنید كلّ ما یسمعه. وهذا ما یسمّى ﺑ «المراء».
إنّ من خصوصیّات روح الإنسان التی تظهر فی المجالات المختلفة هی أنّه عندما یواظب على فعل أمرٍ مّا ویكرّره فإنّ روحه تأنس بهذا الأمر تدریجیّاً ویمسی تركه صعباً علیه. وهذه الحالة ملموسة بشكل أوضح فی الاُمور الطبیعیّة والمادّیة. فالذی یدخّن لأوّل مرّة تنتابه نوبة من السعال وعدم الارتیاح عندما یدخل الدخان فی حلقومه. لكنّه إذا كرّر هذا العمل عدّة مرّات فسیقلّ إحساسه بمرارة السیجارة تدریجیّاً وسیعتاد علیها إلى درجة أنّه إذا لم تصل السیجارة إلیه، یصبح كالذی فقَد ضالّته.
ویمكن ملاحظة هذه الخصلة أیضاً فی الاُمور الروحیّة والنفسیّة والأخلاقیّة. فقد جاء فی الخبر: «...فإنّ للشرّ ضراوةً كضراوة الغذاء»2؛ أی إنّ الأعمال القبیحة والشرّیرة تورِث العادة علیها كما یورث الطعام العادة علیه. فحالة الوسواس تبدأ من الفحص والدقّة فی غیر محلّهما، وقد یعلم الشخص أحیاناً أنّ هذا الفحص كلّه لیس ضروریّاً لكنّه یبالغ بالاهتمام به ویكرّره، حتّى تصل به الحالة إلى غسل یده خمسین مرّة ثمّ لا یطمنئنّ بطهارتها!
لقد كان السفسطائیّون جماعةً من أهل البحث والرأی فی الیونان القدیمة وكانوا یلجأون فی بحوثهم إلى اُسلوب المغالطة. وقد نُسبت إلیهم بعض النظرّیات وجمیعها مقرون بالشكّ والإنكار. یقال إنّ هؤلاء كانوا فی بدایة الأمر معلّمین یعلّمون الناس طریقة البحث والجدال. وشیئاً فشیئاً قرّروا أن یعلّموا تلامیذهم طرقاً یستطیعون من خلالها إنكار أیّ قول. فقادهم انشغالهم المستمرّ بهذا الموضوع وممارسة التشكیك وإنكار قول الآخرین تدریجیّاً إلى وقوعهم هم أنفسهم فی وادی الشكّ والریبة فصاروا یشكّكون فی كلّ ما یدركون حتّى تحوّلوا إلى اُناس شكّاكین. بل لقد قاد هذا المنهج أحد فلاسفة الغرب إلى طرح الاحتمال التالی: لعلّی أكون نائماً أساساً وأنّ كلّ ما أراه من حولی لا یعدو كونه أضغاث أحلام!

الفرق بین المراء والجدال

هناك فرق بین المراء والجدال. فالجدال هو انتهاج المرء لاُسلوب الجدل فی بحثه مع الطرف المقابل من أجل إقناعه بسرعة. فخاصیّة الجدل هی أنّه یُقنع الطرف المقابل. ومن الممكن أن یكون المبحث المطروح بهذه الطریقة صحیحاً ویقتنع به المتلقّی، كما ومن الممكن أن لا یكون صحیحاً أیضاً. وكذا فمن المحتمل أیضاً أن یبدأ الإنسان ببحثه باُسلوب جدلیّ، أو أن ینتهج الاُسلوب الجدلیّ فی اعتراضه على ادّعاء شخص آخر محاولةً منه لإقناع الطرف المقابل. وجمیع هذه الاُمور هی من شقوق «الجدال». القرآن الكریم من جهته یعدّ بعض أشكال الجدال حسناً وبعضها الآخر قبیحاً. إذ یقول فی باب الجدال المذموم: «وَمِنَ النَّاسِ مَن یُجَادِلُ فِی اللهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ»3، كما یقول بخصوص الجدال الممدوح: «وَلا تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ»4. ویقول للنبیّ الكریم (صلّى الله علیه وآله) أیضاً: «ادْعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ»5. والجدال بالتی هی أحسن یختلف عن الدعوة بالحكمة؛ ففی الدعوة بالحكمة یُستخدم البرهان العقلیّ الذی ینتهی إلى البدیهیّات، وهو وإن كان ممكناً لكنّه صعب أحیاناً. أمّا الجدال بالتی هی أحسن فهو طرح المبحث الحقّ عبر مقدّمات مسَلّمة عند المتلقّی فیقبل به. وقد ذكر القرآن الكریم بضعة أمثلة على الجدال بالتی هی أحسن؛ إذ یخاطب الله عزّ وجلّ المشركین الذین كانوا یعدّون امتلاك البنات عیباً بقوله: «أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِیزَىٰ»6؛ أی: إذا كنتم تحسبون البنت عیباً فلماذا تعتبرون الملائكةَ بنات الله؟! فهل إنّ لكم الذكور وله الإناث؟ أیّ قسمة مجحفة وغیر عادلة هذه! فهذا البحث هو من النوع الجدلیّ وهو یدین الخصم لكنّه لیس برهانیّاً. فبحوث من هذا القبیل قد تقرّب المسافة أحیاناً ولا تُعدّ عملاً قبیحاً. ففی الجدال بالتی هی أحسن یُطرح المبحث الحقّ بشكل مبسّط وباُسلوب مُقْنِع. إذ یقول عزّ من قائل: جادل أهل الكتاب بالتی هی أحسن. قل لهم: إنّنا وإیّاكم نعبد إلهاً واحداً وجمیعنا نقول بالتسلیم لكلّ ما أنزله عزّ وجلّ. فتعالوا نناقش المسألة بإنصاف لنرى إن كان الله قد أنزل بعد التوراة والإنجیل كتاباً آخر أم لا؟ فحاول أن تبدأ البحث من حیث یشعر الطرف المقابل أنّك قریب منه.
أمّا المراء فیختلف؛ فالشخص الذی أصبح المراء ملَكة لدیه یحاول باستمرار إبطال دلیل الطرف المقابل من دون الالتفات إلى حقّانیّته أو بطلانه. وهذه الحالة تكون سبباً فی بقاء مثل هذا الشخص فی دوّامة الشكّ، فلا یكون ثمّة أملٌ فی اكتشافه للحقّ والإیمان به.

الشعبة الثانیة هی الهلع والخوف

«والهول». العامل الآخر الذی قد یوصل الإنسان إلى الشكّ ویمنعه عن الإیمان الصحیح هو حالة عدم الثقة بالنفس فی البحث والتحقیق. فعوضاً عن التفكیر بالمسألة عند مواجهتها یظنّ أنّها غیر قابلة للحلّ فیحاول الفرار منها وعدم التطرّق إلیها. شخص كهذا – وفقاً لتعبیر الروایة – مصاب بالهول «هالَهُ ما بین یدیه» والهلع والخوف، وهو ما یدعوه إلى التراجع: «نكَص على عَقِبیه». فإنسان متقاعس وخائف كهذا هو الآخر لا یظفر بالإیمان الصحیح.

التردُّد هو ثالث شُعب الشكّ

الشعبة الثالثة من شُعب الشكّ هی عدم قدرة الإنسان على اتّخاذ القرار الحاسم والتشخیص القاطع بحیث لا یمكنه اختیار قول من بین مختلف الأقوال. فهو باستمرار یقدّم رجلاً ویؤخّر اُخرى. هذه الحالة تصبح بالتدریج ملَكة للمرء حتّى تنتابه حالة من الوسواس الذهنیّ فلا یعود ذهنه قادراً على اتّخاذ القرار الصائب. فقد یعثر على الدلیل الواضح ویعلم أنّه مقبول لكن سرعان ما یقفز قول المخالفین إلى ذهنه مرّة اُخرى فیجرّه إلى الطرف المغایر. لكنّه لا یقتنع بكلام هؤلاء أیضاً فیعود أدراجه. ویبقى متأرجحاً بین الجانبین من دون أن یستطیع إقناع نفسه واتّخاذ قراره. وهذا أیضاً هو شكل من أشكال الأمراض النفسیّة؛ فلو كان إنساناً عادیّاً وطبیعیّاً لاتّخذ قراره بمحض قیام الدلیل الواضح لدیه ولَقَبِل بالمبحث المطروح، لكنّه عندما تنتابه حالة الوسواس الذهنیّ فإنّه لا یطمئنّ بكلّ ما یُقال ویستمرّ فی حالة شكّه وتردّده.

الاستسلام للهلاك هو رابع شُعب الشكّ

أمّا الشعبة الرابعة من الشكّ فنجدها عند غیر المبالین والمشاغبین من الناس. فبعض الناس تراه یلعب بالنار ویقوم بأعمال غریبة معرّضاً نفسه للمخاطر لیسجّل باسمه رقماً قیاسیّاً ویحظى بتصفیق الحضور. وقد ینتهی هذا الطریق بمعظم هؤلاء إلى الهلاك من دون أن یكترثوا لذلك. فالحیاة لأمثال هؤلاء لیست لها أهمّیة تُذكَر، وإنّ غایة ما یثیر اهتمامهم هو حالة الإثارة وتصفیق المتفرّجین وتصفیرهم لهم.
فعندما یُخوَّف أمثال هؤلاء من نار جهنّم یمرّون من أمام هذا الكلام غیر مكترثین، أو یقولون: «إذا كانت هناك جهنّم فعلاً فسنحاول فعل شیء فی حینها»! كما أنّهم یتعاطون مع قضایا الدین بمغامرة وتهوّر، وكما یقول أمیر المؤمنین (علیه السلام) فإنّهم مستسلمون وإنّ الأمر لدیهم سیّان أیّاً كان المصیر الذی ینتظرهم. والشیء الوحید الذی یحظى بالأهمّیة عندهم هو ما یتصوّرونه من لذّة خیالیّة.

نتائج شُعب الشكّ

«فَمَنْ جَعَلَ المِرَاءَ دَیْدَناً لَمْ یُصْبِحْ لَیْلُهُ». «الدیدَن» هو العادة الثابتة. وهذا التعبیر غایة فی الجمال والروعة! یقول (علیه السلام): إذا صار المراء عادةً للإنسان فإنّ لیله لن ینتهی إلى الصبح ولن یصل فی غیاهب هذه الظلمات إلى النور. فالذی یكون دأبه إنكار قول الآخرین لن یظفر بالإیمان.
«وَمَنْ هَالَهُ مَا بَیْنَ یَدَیْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَیْهِ» فالذی تسیطر علیه حالة الهلع والخوف من قمّة رأسه إلى أخمص قدمه كلّما واجه مسألة تتطلّب منه البحث والتفكیر فسوف ینكص على عقبیه متراجعاً وسیفرّ باستمرار من القضایا المهمّة. ومن الجلیّ أنّ شخصاً كهذا لن یصل إلى مقصده على الإطلاق.
«وَمَنْ تَرَدَّدَ فِی الرَّیْبِ وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّیَاطِینِ». بالنسبة لآثار الشعبتین الاُولیین للشكّ فقد اكتفى إمامنا أمیر المؤمنین (علیه السلام) بالقول بأنّ المبتلى بهما لن یصل إلى النتیجة المرجوّة. لكنّه (سلام الله علیه) یُنبئ عن نتائج خطیرة بالنسبة للشعبتین الاُخریین. یقول (علیه السلام): إنّ مَن اعتاد على حالة التردّد والتذبذب بین القطبین وفقدَ القدرة على اتّخاذ القرار الحاسم فإنّ الشیاطین سوف تحمل علیه فی منتصف الطریق وتدعسه بسنابكها. وقد أراد الإمام علیّ (علیه السلام) من تحذیره هذا التنبیه إلى أنّ هذه الحالة بالغة الخطورة وأنّ علینا الحذر الشدید من الوقوع فی حالة الوسواس الفكریّ. علینا أن نفهم أنّ هناك منهجاً عقلیّاً لمعرفة الدلیل الصحیح وأنّه من أجل مناقشة ودراسة أیّ علم أو فرضیّة فإنّه ثمّة اُسلوب للتحقیق وطریقة عقلائیّة صحیحة یقرّ بها جمیع عقلاء العالم تقریباً وینتهجونها، وأنّه إذا وُجد اختلاف فی بعض التفاصیل فمن الممكن إغفاله. فالجمیع – على سبیل المثال – یعتقدون بأنّ الشكل الأوّل من القیاس المنطقیّ - إذا كانت مقدّماته یقینیّة – یفید الیقین. ومن هنا فعندما یقوم البرهان على أساس الشكل الأوّل مصحوباً بالمقدّمات البدیهیّة فلا یستطیع الإنسان السلیم رفضه؛ كما فی عملیّة: 2+2=4. أمّا الذی بات الشكّ والتردّد ملَكة عنده فلن یعود هناك سبیل لإصلاح ذهنه وعقله، ولذا فإنّ الشیاطین ستطؤه بسنابكها.
«وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْیَا وَالآخِرَةِ هَلَكَ فِیهِمَا». فالذی یسلّم نفسه بیده - كالمغامرین - إلى التهلكة ولا یخشى ما سیقع علیه فمن الواضح أنّ وضعه أسوأ من الجمیع. فهل تُرجى النجاة یا ترى لمن یرمی بنفسه من أعلى الجبل إلى قعر الوادی؟ فالإنسان الذی یتّصف بهذه الحالة سوف یُحال بینه وبین الإیمان وسعادة الدارین.
الإمام (علیه السلام) یستخدم تعبیر الدعائم فیما یتعلّق بالإیمان والكفر، لكنّه یقول بخصوص الشكّ: إنّ للشكّ أربعَ شُعب. وكأنّه یرید القول: إنّ الشكوك المزاحمة للإیمان تنقسم إلى بضعة أقسام وإنّ المبتلین بالشكّ یشكّلون بضع مجامیع وهم یُحرمون من الإیمان بسبب حالة الشكّ هذه ویفرّطون بسعادة الدنیا والآخرة. أعاذنا الله وإیّاكم من هذه الأمراض.
وأخیراً فمن بین الأدعیة المأثورة هناك دعاء اُحبّه كثیراً وهو الدعاء الوارد بعد زیارة الأئمّة الأطهار (علیهم السلام) والذی یقول: «وَاجعَل حظّی من زیارتك تخلیطی بخالصی زوّارك»7؛ أی: خلطی مع الخُلَّص من زوّارك. فأنا غیر مؤهَّل لأكون من زوّارك كی تعیرنی اهتماماً، لكنّه یوجد من بین زوّارك مَن تحبّه وتؤَمِّن على دعواته وتشفع له. فاخلطنا مع هؤلاء واشفع لنا أجمعین.
اللهمّ اجعلنا ممّن غفرت لهم ذنوبهم فی هذا الشهر وكتبت لهم حُسن العاقبة.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرین


1. نهج البلاغة، الحكمة 31.

2. بحار الأنوار، ج75، ص164.

3. سورة الحجّ، الآیة 3.

4. سورة العنكبوت، الآیة 46.

5. سورة النحل، الآیة 125.

6. سورة النجم، الآیتان 21 و 22.

7. مفاتیح الجنان، فصل فی الزیارات الجامعة، المقام الثانی: فیما یُدعى به عقیب زیارات الأئمّة (علیهم السلام).