صوت و فیلم

صوت:
,

فهرست مطالب

الجلسة الثامنة والاربعون: نداء: «هل من ناصر»؟ الذی أطلقته فاطمة علیها السلام

تاریخ: 
چهارشنبه, 24 فروردين, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 20 نیسان 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

نداء: «هل من ناصر»؟ الذی أطلقته فاطمة (علیها السلام)

وصلنا فی شرحنا للخطبة الفدكیّة المباركة إلى حیث رمت فاطمة (سلام الله علیها) بطرفها نحو الأنصار موجّهة خطاباً مهمّاً إلیهم، وقد نقلنا قسماً منه فی المحاضرات الفائتة. وقد كان هذا القسم بحاجة إلى مزید من التوضیح، لكنّنی أخشى أن یؤدّی الإسهاب الكثیر إلى الملل، لذا ساُواصل فی هذه المحاضرة شرح الخطبة الشریفة.
تستمرّ الزهراء (علیها السلام) فی خطابها للأنصار مستخدمة تعبیراً آخر. لقد كان الأنصار یتكوّنون من قبیلتین رئیسیّتین هما الأوس والخزرج. وقد ذكر التاریخ أنّ جدّتهم العلیا كانت تسمّى «قیلة»؛ ولهذا كان مجموع أفراد القبیلتین یُدعَون: «بنی قیلة». لكنّهم انقسموا بعد موت قیلة إلى طائفتین عُرفت إحداهما بـ «الأوس» والثانیة بـ «الخزرج».

لِمَ لا تقومون حاملین السلاح؟!

تخاطب الزهراء (سلام الله علیها) الأنصار بالقول: «إِیهاً (وهی كلمة تحذیر) بَنِی قِیلَهَ! أَاُهْضَمُ تُرَاثُ أَبِی وَأَنْتُمْ بِمَرْأىً مِنِّی وَمَسْمَعٍ، وَمُنْتَدىً وَمَجْمَعٍ، تَلْبِسُكُمُ الدَّعْوَةُ، وَتْشَمَلُكُمُ الخِبْرَةُ، وَأَنْتُم ذَوُو العَدَدِ وَالعُدَّةِ، وَالأَدَاةِ وَالقُوَّةِ، وَعِنْدَكُمُ السِّلاحُ وَالْجُنَّة»؛ أی: «إنّی أوجّه لكم تحذیراً یا أبناء قیلة! فهل صحیح أنّ إرث أبی یُداس ویُسحَق وأنتم تنظرون وتسمعون وأنا فی جمعكم وأنتم حاضرون؟! فلو كنتم لا تسمعون نداء استغاثتی التمستُ لكم عذراً؛ ولو كنتم لا تعلمون الحقّ مع مَن فقد تكونون معذورین أیضاً؛ ولو كنتم تعلمون وتعرفون لكنّكم غیر قادرین على المعونة والنصرة فمن الممكن أیضاً أن أعذركم؛ لكنّ دعوتی قد طرقت مسامعكم وقد وعیتموها وأدركتموها جمیعاً، وإنّ جمعكم لكثیر، وأنتم تتمتّعون بالعُدّة والعدد، والقوّة والمدد، وبحوزتكم الأسلحة والدروع». ویُستشفّ من هذه التعابیر أنّ فاطمة الزهراء (علیها السلام) كانت تتوقّع من الأنصار نصرتها وقمع مَن سلبها حقّها حتّى بالسلاح إذا لزم الأمر.
«تُوَافِیكُمُ الدَّعْوَةُ فَلا تُجِیبُونَ، وَتَأْتِیكُمُ الصَّرْخَةُ فَلا تُغِیثُونَ» فعلى الرغم من أنّكم تسمعون دعوتی، لكنّكم لا تجیبوننی، ومع أنّ صرخة استغاثتی عالیة فإنّكم لا تغیثوننی!

تاریخ الأنصار

«وَأَنْتُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْكِفَاحِ» الشجاعة والبسالة، «مَعْرُوفُونَ بِالْخَیْرِ وَالصَّلاحِ، وَالنُّخَبَةُ الَّتِی انْتُخِبَتْ، وَالْخِیَرَةُ الَّتِی اخْتِیرَت» من بین المسلمین «لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ».
وكما ذكرتُ فی المحاضرة السابقة فقد أرادت السیّدة الزهراء (علیها السلام) أن تستغلّ كلّ العوامل من أجل إرشاد الأنصار؛ أی أن تستفید من المنطق العقلیّ من جهة، والمنطق الشرعیّ من جهة اُخرى، والمنطق العاطفیّ من جهة ثالثة. فهذه المقاطع هی أشدّ میلاً إلى طابع التحریض العاطفیّ للأنصار منها إلى غیره. فمن أجل تشجیعهم فإنّها (علیها السلام) تذكّرهم فی سیاق كلامها هذا بماضیهم وتسرد لهم خدماتهم التی قدّموها للإسلام.
«قَاتَلْتُمُ الْعَرَبَ، وَتَحَمَّلْتُمُ الْكَدَّ وَالتَّعَب». وحیث إنّ الأنصار عرب فإنّنا نفهم من هذا القول أنّ مسألة القومیّة لم تكن مطروحة آنذاك، بل المهمّ هو الحقّ والباطل. تقول فاطمة الزهراء (علیها السلام) هنا: «على الرغم من قلّة جماعتكم فقد نهضتم لقتال جحافل العرب المنحرفین والمعادین للإسلام وتحمّلتم فی سبیل ذلك صنوف المشاقّ وألوان العناء».
«وَنَاطَحْتُمُ الأُمَمَ، وَكَافَحْتُمُ الْبُهَم» و«المناطحة» تُطلَق على العراك بین الحیوانات إذا كان بقرونها. تقول (علیها السلام): «لقد ناطحتم العرب المشركین المخالفین للإسلام وحاربتموهم وجهاً لوجه، وقاتلتم فحول العرب وشجعانهم بكلّ بسالة وإقدام».
«لا نَبْرَحُ أَوْ تَبْرَحُونَ، نَأْمُرُكُمْ فَتَأْتَمِرُونَ، حَتَّى إِذَا دَارَتْ بِنَا رَحَى الإِسْلام»؛ فما كان بعضنا ینفصل عن البعض الآخر، وما كنّا نذهب إذا لم تأتوا، لكن كلّ ذلك كان یدور فی إطار الآمِر والمؤتمِر. فكنّا نأمركم وكنتم تمتثلون وتطیعون، حتّى دارت رَحى الإسلام بأیدینا.
«وَدَرَّ حَلَبُ الأَیَّامِ، وَخَضَعَتْ ثَغْرَةُ الشِّرْكِ، وَسَكَنَتْ فَوْرَةُ الإِفْكِ، وَخَمَدَتْ نِیرَانُ الْكُفْرِ، وَهَدَأَتْ دَعْوَةُ الْهَرْجِ، وَاسْتَوْسَقَ نِظَامُ الدِّین» وهنا تستخدم (علیها السلام) تعابیر أدبیّة هی غایة فی اللطف والجمال؛ فهی تشبّه ما مضى من الأیّام منذ صدر الإسلام وحتّى ذلك الیوم باُنثى الحیوان المرضع التی كان ضرعها جافّاً من اللبن حتّى إذا أنجبت ولیدها امتلأ ضرعها ودرّ منه اللبن. إذ تقول بضعة المصطفى (سلام الله علیها): «لقد درّ حلیب الأیّام غزیراً، وهدأت أصوات الشرك التی كانت تصمّ الآذان، وخمدت فورة الكذب والبهتان». بمعنى أنّ المشركین فی بادئ الأمر كانوا یطلقون شتّى التهم وأنواع البهتان على المسلمین، بل وعلى شخص النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله)، وهو دأب شیاطین الإنس والجنّ عندما ترید الغلبة على خصومها. تخاطب الزهراء (علیها السلام) الأنصار قائلة: «لقد أبلیتم بلاءً حسناً فی قتالكم طاعة للأوامر حتّى سكتت صرخات الشرك الصاخبة، وسكن فوران البهتان والكذب، وخمدت نیران الكفر، وهدأت دعوات مَن نادى بالفتنة والهرج والمرج، وانسجم نظام الدین. فهذه هی أعمالكم التی قمتم بها بإرشاد وهدایة منّا. لقد تجشّمتم كلّ هذا العناء، وقاتلتم، وضحّیتم، حتّى أثمرت شجرة الإسلام، ودارت رحاه؛ أی استتبّ حكم الإسلام، واُسّست الدولة الإسلامیّة.

إذن ما الذی حلّ بذلك التاریخ المشرق؟!

«فَأَنَّى حُرْتُمْ بَعْدَ الْبَیَانِ، وَأَسْرَرْتُمْ بَعْدَ الإِعْلانِ، وَنَكَصْتُمْ بَعْدَ الإِقْدَام»؛ فبعد أن مضت ثلاثة وعشرون عاماً على هذا الأمر وتمكّنت دولة مقتدرة وعزیزة من تسلّم مقالید الامور كیف ترجعون حیارى؟! لماذا أصبحتم فی حیرة من أمركم لا تدرون ما تصنعون بعد أن تبیّن الحقّ واتّضح؟! وكیف تحوّلتم إلى العمل فی الخفاء، وعقد الاجتماعات السرّیة، وحیاكة المؤامرات ضدّنا بعد دفاعكم عن الإسلام وعنّا أهل البیت فی العلانیة؟! ما الذی حصل لكم لتنكصوا وتتراجعوا بعد الإقدام ودخول میدان النزال؟!
«وَأَشْرَكْتُمْ بَعْدَ الإِیمَانِ، بُؤْساً لِقَوْمٍ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ «وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ»1 وهذه من جملة تلك التعابیر العنیفة جدّاً. فسیّدتنا الزهراء (سلام الله علیها) تخاطب المسلمین الذین كانوا أنصار الإسلام والذین قد أسْدَوا خدمات جلیلة له، أو – كما تقول (علیها السلام) - الذین قام النظام الإسلامیّ أساساً على أكتافهم، تقول لهم: هل «أَشْرَكْتُمْ بَعْدَ الإِیمَانِ»؟! ومن الواضح أنّ هذا الشرك لیس هو من نوع عبادة الأوثان؛ ذلك أنّه لم یعبد أحد منهم الأصنام فی ذلك الزمان. فهو من نوع الشرك الذی یقول فیه القرآن الكریم: «اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ»2؛ أی إنّ الیهود والنصارى اتّخذوا قادتهم وكبراءهم أرباباً لهم عوضاً عن الله عزّ وجلّ. بمعنى أنّ الإذعان لأوامر غیر الله هو شرك تشریعیّ؛ فالقبول بحكومة لم تأت عن حقّ هو لون من ألوان الشرك، إذ یجب على الإنسان الموحّد أن لا یرى غیر الله ربّاً وأن یطیع الله وحده. فإن أطاع غیر الله من دون دلیل وبشكل لم یؤدّ به إلى طاعة الله كان ذلك شكلاً من أشكال الشرك.
وفی متابعتها للخطبة تعود الزهراء (علیها السلام) مرّة اُخرى لاستخدام تعابیر لاذعة لكنّها لا توجّه الخطاب بشكل صریح هذه المرّة، هذا وإن كان المصداق المقصود من الخطاب واضحاً. تقول (علیها السلام): «الویل لقوم نكثوا میثاقهم مع الله عزّ وجلّ بعد أن عاهدوه». ثمّ تقتبس آیة من الذكر الحكیم تتحدّث عن الكفّار الذین عقدوا أیمانهم مع الله ورسوله ثمّ نقضوا عهدهم وعادوا إلى الكفر من جدید. هذا النمط من الاقتباسات هنا یرجع إلى العناصر المشتركة الموجودة فی هذه التعبیرات؛ فالمشركون الذین تعهّدوا بطاعة الله ورسوله ثمّ نقضوا عهدهم هم نفس اُولئك الذین أخرجوا النبیّ من دیاره وحملوا سیوفهم لحرب عَبَدة الحقّ. فالسیّدة الزهراء (سلام الله علیها) ترید أن تقول هنا: «لماذا تسكتون عن الذین شرّدوكم عن أرضكم وبدؤوكم بالحرب؟ هل تخافونهم؟ فإن كنتم مؤمنین فعلیكم أن تخافوا من الله وحده. فمهما كان لدى هؤلاء من القدرة فإنّ عددكم أكبر منهم بكثیر وإنّ الذین عمدوا إلى هذا العمل هم نفر قلیل لیس غیر، وبإمكانكم أن لا تتعاونوا معهم، هذا أوّلاً. ثانیاً: كنتم تستطیعون أن توقفوهم عند حدّهم؛ فما دامت القوّة والسلاح بأیدیكم، إذن بمقدوركم أن تستلّوا سیوفكم وتمنعوهم من فعل ذلك». وفی ذلك إشارة إلى ضرورة عدم الخوف من الطرف المقابل فی مثل هذا الظرف، بل لابدّ من الذود عن الحقّ مهما كانت الظروف، وعندها فإنّ الله سیمدّنا بالعون والغلبة أیضاً.

السبیل المنتهیة إلى الكفر

أستعرضُ هنا بشكل إجمالیّ بعض النقاط البارزة التی یمكن أن نتّخذها درساً لنا فی زماننا الحاضر أیضاً. أوّلاً علینا أن نعلم أنّ المسألة هی على جانب من الجدّیة بحیث إنّه لن یكون للغفلة عنها مصیر غیر الشرك. فعلى الرغم من أنّ السیّدة الزهراء (سلام الله علیها) قد طرحت مسألة الإرث، غیر أنّها لم تكن إلا ذریعة لتقول لهم: «لقد زغتم عن جادّة الإسلام، ونكثتم أَیمانكم مع الله ورسوله، ووطأتم أحكام الله تحت أقدامكم»، وفی كلامها (علیها السلام) إنذار بأنّه إذا تعاطى المرء مع مثل هذه المسائل الاجتماعیّة بحالة من اللامبالاة، ولم یبد حساسیّة تجاهها، وفضّل الدعة والراحة، فإنّ ذلك سیقوده إلى الشرك والخروج عن الدین، وإن لم یجرّه إلى الكفر الظاهریّ فسوف یؤول به حتماً إلى الكفر الباطنیّ.
ولو لم تحدث فی الآونة الأخیرة تلك الأحداث المعروفة فقد نتصوّر أنّ فی هذا الكلام بعض المبالغة، وأنّه لا معنى لطرح الشرك فی موضوع غصب الإرث. لكن علینا أن نفهم أنّه عندما یتمّ التغاضی عن حكم قرآنیّ فمن الممكن أن یُتَغاضَى عن الحكم التالی أیضاً. فحینما یدوس المرء على العهد الذی عاهد به الله تعالى فأیّ ضمانة ستبقى لالتزامه بباقی العهود والمواثیق؟ فجمیع الذین تخاطبهم الزهراء (سلام الله علیها) الیوم كانوا قد بایعوا الله منذ سبعین یوماً فقط؛ حتّى قال تعالى: «یَدُ اللهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ»3، فقبل سبعین یوماً فقط كانوا قد بایعوا مَن نصّبه الله عزّ وجلّ؛ أی قطعوا عهداً على أنفسهم أن یحموه بأموالهم وأنفسهم ویعتبروه خلیفة للنبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله). فعندما یُنسى عهد كهذا مع كلّ ما اكتنفه من مقدّمات وتحضیرات فی یوم الغدیر، فأیّ ضمانة ستظلّ یا ترى للالتزام بباقی العهود؟ وعندما ینحرف هذا المسیر عن الحقّ فلن ینتهی إلاّ إلى السقوط؛ إذ حینما بدأ اُناس بتسلّق سفح جبل على نحو تدریجیّ على مدى ثلاثة وعشرین عاماً حتّى اقتربوا من قمّته وبلغوا ذروة العزّة والاقتدار والشرف لكنّهم نسوا كلّ ما اُسدی إلیهم من خدمات فی هذا المضمار فإنّ أوّل ما سیُعابون علیه هو كفران النعم الإلهیّة. فمخاطبو فاطمة (علیها السلام) كانوا اُناساً قد نالوا ببركة النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله) الشرف الظاهریّ من جهة (أی بعد سابق الفضائح، والفقر، وقتل الإخوان، ووأد البنات، وأشكال ما كانوا غارقین فیه من الفساد فقد تحوّلوا إلى اُمّة شریفة أضحت أسوة لباقی الاُمم) والشرف الباطنیّ من جهة اخرى حتّى اُزیحت كتل لیل الشرك والكفر المظلم من قلوبهم وسطع نور الإیمان ونور معرفة الله وملائكته وأنبیائه فی نفوسهم. فأی شرف یمكن أن یُتصوَّر فوق ذلك؟ وأیّ خدمة یمكن افتراضها تكون أجلّ ممّا قدّمه نبیّ الإسلام (صلّى الله علیه وآله) للعرب؟ والله قد واصل مَنّه علیهم فی هذا الزمان أیضاً، فمن أجل بقاء هذه العزّة واستمرار هذا الشرف الظاهریّ والباطنیّ فقد دلّهم بعد رحیل النبیّ الكریم (صلّى الله علیه وآله) على من هو أشبه الناس بالنبیّ. فهل من المستساغ أن ینسوا كلّ تلك النعم قائلین: «أجل، لقد أنجز النبیّ كلّ تلك الخدمات. أمّا الآن وقد رحل عنّا فقد ولّت تلك الخدمات وإنّ من واجبنا نحن أن نعیّن رئیسا لهذه الاُمّة وأن نجعل الحاكمیّة للشعب»؟! فأوّل عیب یمكن أن یُنسَب إلى هذا المسیر هو أنّه كفران لآلاء الله سبحانه وتعالى من جانب، وكفران لنعمة نبیّه الكریم (صلّى الله علیه وآله) فی عدم مراعاة أهل بیته (علیهم السلام) ونكث للعهد معه من جانب آخر، وكفران لنعمة أهل البیت ولاسیّما شخص أمیر المؤمنین (صلوات الله علیه) الذی كان أفضل من یلیق بمنصب الخلافة بعد النبیّ من جانب ثالث. فهل یصحّ أن یتمّ نسیان كلّ ذلك على خلفیّة بعض الأوهام أو المصالح المادّیة؟ لقد علم هؤلاء أنّه بتسلّم علیّ (علیه السلام) لمقالید الاُمور فإنّه سیقف سدّاً منیعاً أمام سوء استغلالهم للمناصب، وسیعطّل كلّ أشكال الوساطات القائمة حول محور الرفاقة والقرابة والحزبیّة. لقد بدّد هؤلاء، نتیجة غفلتهم تلك، كلّ ما نالوه من عزّة وفخر فی الدنیا والآخرة وما حظوا به من شرف الإنسانیّة. فأهمّ شرف یمكن أن یناله الإنسان هو التزامه بالعهد والمیثاق. وإنّ أسمى قیمة اجتماعیّة معتبَرة عند جمیع الاُمم والأقوام والأعراق هی الوفاء بالعهد. فلولا هذا الالتزام لألـمّت بالمجتمع حالة من الفوضى. فهل یستحقّ اُناس كهؤلاء أن یكونوا أسیاد العالم وقدوة تقتدی بها سائر الاُمم والشعوب؟! فالمشروع الإسلامیّ كان یصبو إلى تنشئة اُناس یكونون اُسوة للعالمین. لكنّ البعض وبسبب مآربهم المریضة، والبعض الآخر جرّاء ما یعانونه من جهالة وقلّة إدراك لم یَدَعوا هذه الشجرة تؤتی اُكُلها من أجل تأمین السعادة الأبدیّة لجمیع سكّان المعمورة.

أعاذنا الله وإیّاكم والسلام علیكم ورحمة الله


1. سورة التوبة، الآیة 13.

2. سورة التوبة، الآیة 31.

3. سورة الفتح، الآیة 10.

 

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...