آیة الله مصباح الیزدیّ: دعم وطاعة الولیّ الفقیه هما أخطر تكلیفین اجتماعیّین لنا جمیعاً

قال العلامة مصباح الیزدیّ أثناء لقائه مع جمعجمعاً من طلاب وأساتذة المدارس العلمیّة فی مدینتی بناب ومیاندوآب: إن طلب العلم والاجتهاد فی تحصیل علوم أهل البیت (علیهم السلام) ونشرها فی جمیع أصقاع العالم هی أمور مطلوبة یقیناً من دون أدنى ریب؛ إلاّ أنّ أداء هذا التكلیف له مراتب تختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان الخاصّة. وتطرّق سماحته إلى أحادیث المعصومین (علیهم السلام) الواردة فی ثواب طلب العلوم الدینیّة وقال:
قال العلامة مصباح الیزدیّ أثناء لقائه مع جمعجمعاً من طلاب وأساتذة المدارس العلمیّة فی مدینتی بناب ومیاندوآب: إن طلب العلم والاجتهاد فی تحصیل علوم أهل البیت (علیهم السلام) ونشرها فی جمیع أصقاع العالم هی أمور مطلوبة یقیناً من دون أدنى ریب؛ إلاّ أنّ أداء هذا التكلیف له مراتب تختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان الخاصّة.
وتطرّق سماحته إلى أحادیث المعصومین (علیهم السلام) الواردة فی ثواب طلب العلوم الدینیّة وقال: إنّ طلب علوم ومعارف أهل البیت (علیهم السلام) هو عمل مستحبّ وفیه عظیم الأجر والثواب، لكنّ طلب بعض العلوم یصبح واجباً أحیاناً؛ مثل كفهم الأحكام الدینیّة المطلوبة على صعید العمل. كما أنّ تعلّم بعض العلوم یصیر واجباً مؤكّداً أحیاناً اُخرى حتّى لَیُعدّ التقصیر والتوانی فی تعلّمها من كبائر الذنوب، حاله حال الفرار من ساحة القتال.
وتابع رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث قائلاً: قد یثقل هذا الكلام على أفهام البعض، لكنّنا نعیش الیوم ظروفاً إذا لم تخضع فیها علوم أهل البیت (علیهم السلام) ـ الضروریّة لإثبات العقائد الإسلامیّة وردّ الشبهات ـ إلى البحث والتدقیق والتمحیص فإنّ مستقبل الإسلام سیكون فی خطر.
وأضاف سماحته: على الرغم من أنّ الإسلام لیس بحاجة لأحد على الإطلاق وإنّما نحن والأجیال القادمة الذین هم بأمسّ الحاجة إلى الإسلام من أجل سعادة الدنیا والآخرة، إلاّ أنّ الحكمة الإلهیّة اقتضت دیمومة الإسلام بواسطة الأسباب والمسبّبات التی من أهمّها العلماء الذین یتناقلون الإسلام من جیل لآخر. فلو لم یكن السلف من العلماء ما كنّا نحن لنفقه شیئاً من الإسلام، مع أنّ الله والإسلام لن ینالهما مكروه جرّاء ذلك.
واستطرد عضو مجلس خبراء القیادة فقال: إنّ بقاء الإسلام فی العالم منوط بالدرس والبحث والمناظرات وردّ الشبهات وإنّ العلماء كانوا الواسطة فی إیصال هذا الفیض؛ وهذا هو دورنا أیضاً بالنسبة للأجیال القادمة. فإذا لم نبیّن مسائل الإسلام ولم نُجب على الشبهات بدقّة، فانّه سیضعف الإیمان بالإسلام تدریجیّاً وبضعف الإیمان سیضعف الدافع لحمل هذه الرسالة إلى أجیال المستقبل.
وأضاف سماحته: نحن نشاهد الیوم ـ على الرغم من وجود العلماء ـ أیّ ورطة وقع فیها وأیّ فِتَن یثیرها لیس فقط شبابنا بل بعض كبرائنا أیضاً.
وفی معرض إشارة آیة الله مصباح الیزدیّ إلى ما یتمتّع به سماحة قائد الثورة المعظّم من وعی وبصیرة قال: سنوات طوال وربّان سفینة الثورة وقائدها ینادی بأعلى صوته مذكّراً بدسائس الأعداء المحاكة فی قالب الهجوم الثقافیّ، والنهب الثقافیّ، والغارة الثقافیّة و«الناتو» الثقافیّ ویؤكّد على ضرورة التحلّی بالبصیرة. وأضاف سماحته: التحلّی بالبصیرة فی ظروف كالتی نعیشها الیوم واجب على الجمیع لاسیّما العلماء الذین هم قادة الدین فی المجتمع.
وواصل سماحته حدیثه مبیّناً معنى البصیرة وطرق الحصول علیها وقال: البصیرة هی الرؤیة التی تمنح الشخص القدرة على خرق القشور الظاهریّة للحدث والنفوذ إلى أعماقه؛ إذ ما أكثر الحوادث التی تبدو فی الظاهر شیئاً لكنّها فی حقیقتها وعمقها شیء آخر؛ خصوصاً إذا تدخّلت فی الأمر أیادی الأعداء المكرة الخبثاء ومؤامراتهم.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة على ضرورة المعرفة الصحیحة للدین وأضاف: إنّ دسائس الدول المستعمرة هی كالسمّ المهلك فهی تزیَّن فی غلاف جمیل حتّى لَیَنجذب كلّ ناظر إلى مظهرها الخدّاع غافلاً عن أنّ حقیقتها سمّ قاتل لیس إلاّ. فی مجابهة مثل هذه المواقف فإنّ أصحاب الرؤیة الثاقبة والبصیرة العمیقة الذین یسبُرون أعماق الفتن ویقفون على حقائقها یحفظون أنفسهم من جهة ویعملون على نجاة الآخرین من جهة اُخرى.
وقال آیة الله مصباح الیزدیّ: نحن نعتقد أنّ ما أتى به الإسلام ضامن لسعادة البشر فی الدنیا والآخرة؛ إذن علینا فی البدء معرفة الإسلام ثمّ الحذر فی المرحلة التالیة لئلاّ نقع فی الخطأ فی تطبیقنا لأحكام الإسلام على موارد معیّنة.
وفی إشارة له إلى مسألة التعدّدیة الدینیّة قال سماحته: هناك من یصرّح الیوم بأنّ للإسلام وجوهاً وقراءات مختلفة كلّ واحد منها هو سراط صراط مستقیم. بل لقد ذهب البعض إلى أبعد من ذلك فاعتقدوا بعدم وجود اختلاف بین الإسلام والمسیحیّة وإنّ كلّ واحد منهما هو سراط صراط مستقیم. كما یعتقد آخرون بأنّه حتّى عبادة الأوثان هی سراط صراط مستقیم وسبیل إلى الله تعالى!! وتابع قائلاً: إذا نفذت هذه الشبهات إلى قلوب أفراد المجتمع وتساوى الإسلام والكفر فی نظرهم فكیف سیتسنّى الدفاع عن الإسلام بعد ذلك.
وأضاف أستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: الیوم هناك أشخاص ممّن لا یتمتّعون بلیاقة الإفتاء یتصدّون لإبداء الرأی فی بعض المسائل الفقهیّة كما أنّ البعض یقتفی آثارهم إمّا مغرَّراً به وإمّا بحجّة أنّ فتاواهم أیسر وأسهل وهذا یعود إلى عدم معرفة الدین، وإنّ التصدّی لمثل هذا الاعوجاج فی الدین والإجابة على هذه الشبهات هی وظیفة تقع على عاتق الحوزات العلمیّة بشكل مباشر.
ولدى إیراده لإحدى الروایات قال سماحة آیة الله الیزدیّ: طبقاً للروایات فإنّ أهمّ مشكلة یواجهها صاحب العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشریف) بعد ظهوره هی وجود علماء یستنبطون من القرآن ما تهواه قلوبهم وهذا فی الحقیقة هو عین التعدّدیة فی الدین ممّا یصعّب الأمر على صاحب الزمان حتّى لیصبح أمره أصعب ممّا كان فی زمن النبیّ (صلى الله علیه وآله)، لأنّ النبیّ كان یدعوا اُناساً إلى الإسلام كانوا یعلمون أنّ الأصنام هی من صنع أیدیهم وهی لا تضرّ ولا تنفع؛ لكنّ صاحب الأمر سوف یواجه علماء یحتجّون علیه بالقرآن.
ورأى آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ التطبیق الصحیح للأحكام على الموضوعات الخارجیّة یستلزم البصیرة وقال مضیفاً: إنّ تطبیق الأحكام على الموضوعات؛ وبعبارة اُخرى تشخیص الموضوعات هو جانب آخر من جوانب البصیرة وعلى الفرد أن یعلم أنّ كلّ حادثة هی مصداق لأیّ حكم من الأحکام الإلهیّة إلهیّ.
وقال مذكّراً بقصّة مسجد ضرار فی زمان النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله): لم یكن ثمّة فرق بین ذلك المسجد والمساجد الاُخرى فی الظاهر؛ لكن على الشخص أن یمتلك البصیرة كی لا ینخدع باسم المسجد ولیعلم أیّ المساجد یجب أن تهدم.
وتطرّق العلامة الیزدیّ إلى حیلة عمرو بن العاص ورفع المصاحف على الأسنّة وقال: أصحاب النظرة السطحیّة، وبسبب افتقارهم للرؤیة والبصیرة، وضعوا سیوفهم فی أغمادها عند مشاهدتهم لهذا المشهد وصمّوا آذانهم عن صیحات الإمام علیّ (علیه السلام).
وتابع عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: فی قضایا من هذا القبیل لا یكفی مجرّد الرجوع إلى كتب الحدیث والفقه والأصول؛ بل مضافاً إلى فهم معارف أهل البیت (علیهم السلام) لابدّ من امتلاك القدرة على تشخیص الموضوع وكشف شیطنة الشیاطین والأعداء والرجوع إلى المرجع الصالح فی مواطن الإبهام وهذه هی أكثر الأمور أصالةً فی فلسفة وجود الولیّ الفقیه.
واستطرد سماحته مضیفاً: على مدى القرون المتمادیة فإنّ شیاطین الإنس ومن خلال ما اكتسبوه من تجارب جمّة یتوسّلون بدسائس ومؤامرات لیس للأشخاص العادیّین لایمتلك الأشخاص العادیّون القدرة علی سبر غورها وإنّ أفضل خیار للرجوع فی مثل هذه المواطن هو الولیّ الفقیه؛ لأنّه علاوة على فقاهته وتقواه الممتازتین فهو یتمتّع بقدرة على تفكیك الحوادث وتحلیلها والنظر إلى غور القضایا وطبقاتها السفلى وباختصار فإنّه یمتلك بصیرة منقطعة النظیر والأهمّ من هذا كلّه هو تمتّعه بالتسدیدات الإلهیّة.
وفی معرض إشارته إلى التاریخ المشرق لسماحة السیّد القائد قال: ما فهمناه على مدى السنین الماضیة هو أنّ القائد مع كلّ مشاغله لم یرتكب أدنى انحراف أو زلل وقد كان یعمد إلى حلّ المشاكل بأنامل تدبیره الأمر الذی لم یكن لیتیسّر إلاّ بالتسدیدات الإلهیّة.
واستعرض سماحته طائفة من الروایات وأضاف: نحن لسنا فی صدد الغلوّ ولا نرید القول إنّ القائد شخص معصوم، بید أنّ الله یمنح عباده المخلصین نوراً یبصرون به الكثیر من القضایا بشكل أفضل وهذا وعد من الله فی أن یؤیّد عباده المخلَصین.
وفی ختام حدیثه قال سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: تكلیفنا الیوم یكمن فی معرفة الدین والتقوى والاهتمام بفهم المسائل الاجتماعیّة وأینما واجهنا إبهاماً فیتعیّن علینا الرجوع إلى الولیّ الفقیه لتشخیص جادّة الصواب.
یذكر أنّ هذا اللقاء قد تمّ صباح یوم السبت الموافق 30 كانون الثانی 2010م فی قاعة المؤتمرات التابعة لمؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.

آخرین محتوای سایت

کتاب صوتی «آیین پرواز» منتشر شد.
کتاب صوتی «آیین پرواز» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله مصباح یزدی رضوان‌الله علیه بارگذاری...
راهکارهایی برای تهذیب و خودسازی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
اقسام خدمات ممکنِ پزشکان به جامعه بشریت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ...
ارزش واقعی لحظات زندگی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...