المرحلة الثانیة

 

المرحلة الثانیة

الفصل الأوّل

38ـ قوله «فی الوجود المستقلّ والرابط»

ذكر صدر المتألّهین(1) أنّ للوجود الرابطیّ اصطلاحین عند الحكماء: أحدهما ما یقع رابطة فی الحملیّات الموجبة ویكون من قبیل المعانی الحرفیّة، ویقابله الوجود المحمولیّ الذی یقع محمولاً فی الهلیّات البسیطة ویكون من المعانی المستقلّة. واختار أنّ إطلاق الوجود على الرابطیّ ـ بهذا المعنى ـ والمحمولیّ یكون من قبیل الاشتراك اللفظیّ. وثانیهما ما یرادف الوجود للغیر، أی الوجود الذی یتحقّق فی شیء كوجود السواد فی الجسم، أو لشیء كوجود المعلول للعلّة، أو عند شیء كوجود الصورة العلمیّة عند النفس (والأمثلة من الاُفق المبین) ویقابله الوجود النفسیّ. ثمّ اقترح ـ تبعاً لاُستاذه فی الأفق المبین ـ تخصیص الأوّل بالرابط والثانی بالرابطیّ لئلاّ یحصل الخلط بینهما.

وجدیر بالذكر أنّ وجود المعلول بالنسبة إلى العلّة یعدّ رابطیّاً عندهم بمعنى أنّ له وجوداً مستقلاًّ عن العلّة إلاّ أنّه لا یمكن انسلاخه عن الانتساب إلیها. لكنّ صدر المتألّهین أثبت أن لا استقلال للمعلول بالنسبة إلى العلّة المفیضة، ورجّح إطلاق «الرابط» على الوجود المعلولیّ، وبذلك یحصل اصطلاح آخر للوجود الرابط ربما


1. راجع: الأسفار: ج‌1، ص‌79ـ82 و ‌327ـ330.

یشتبه بالاصطلاح الأوّل. لكنّ الحقَّ أنّ بینهما بوناً بعیداً، فإنّ الأوّل اصطلاح منطقیّ فی الأصل ویختصّ برابطة القضایا، ویمتاز بقیامه بالطرفین هما مفهوم الموضوع ومفهوم المحمول، بخلاف الثالث الذی هو نتاج بحث فلسفیّ عمیق فی الغایة، ویمتاز بقیامه بطرف واحد عینیّ هو وجود العلّة.

وینقدح ههنا سؤال هو أنّه كیف أكّد صدر المتألّهین على وحدة معنى الوجود وكونه مشتركاً معنویّاً مع اختیاره الاشتراك اللفظیّ بین الوجود الرابط بالمعنى الأول والوجود المحمولیّ؟ والجواب أنّ التأكید على الاشتراك المعنویّ للوجود إنّما هو فی محلّ النزاع بین الحكماء وبعض المتكلّمین، وهو الوجود المحمولیّ، فلا یشمل رابطة القضایا. ومن هنا یظهر أنّ الاشتراك اللفظیّ المختار لا یشمل الوجود الرابط بالمعنى الثالث، فتفطّن.

وقد ابتدأ الاُستاذ(دام‌ظله‌العالی) بإثبات الرابطة بین القضایا وكونها قائمة بالطرفین غیر مستقلّة عنها، وركّز على القضایا الخارجیّة التی تنطبق بموضوعاتها ومحمولاتها على الخارج، وكأنّه أراد بذلك إثبات الرابطة بین مصادیق الموضوعات والمحمولات فی الخارج، حتّى یصحّ تقسیم الوجود العینیّ إلى الرابط والمستقلّ أیضاً، ذلك التقسیم الذی یناسب البحث الفلسفیّ ویعتنی به الفیلسوف القائل بأصالة الوجود. لكن یلاحظ علیه أنّ ثبوت الموضوعات والمحمولات فی الخارج لا یكفی دلیلاً على ثبوت الرابطة كنوع من الوجود العینیّ. والرابطة فی القضایا إن دلّت على شیء خارجیّ فإنّما تدلّ على اتّحاد مصداق الموضوع والمحمول، وهو أعمّ من ثبوت أمر رابط بینهما. فإنّ اتّحاد الجوهر والعرض أو اتّحاد المادّة والصورة فی الخارج مثلاً لا یستلزم وجود رابط بینهما، بل یكفی كون أحدهما من مراتب وجود الآخر أو كون أحدهما رابطیّاً بالنسبة إلى الآخر. والحاصل أنّه لا یمكن بمثل هذا البیان إثبات الوجود الرابط فی الأعیان، وإثباته رهن لتبیین كیفیّة ارتباط المعلول بالعلّة، على ما سیأتی فی محلّه.

39ـ قوله «انّ القضایا المشتملة على الحمل الأوّلیّ...»

قد اختلفوا فی تعداد أجزاء القضایا على أقوال:

ألف) ان جمیع القضایا مركّبة من أربعة أجزاء: الموضوع، المحمول، النسبة الحكمیّة والحكم، أی إذعان النفس بثبوت النسبة أو لا ثبوتها ـ على حدّ تعبیرهم ـ .

ب) انّ القضایا الموجبة مركّبة من تلك الأجزاء الأربعة، وإنّ السوالب مركّبة من ثلاثة أجزاء بحذف الحكم، فإنّ مفاد القضیّة السالبة سلب النسبة الحكمیّة الثبوتیة.

ج) انّ القضایا الهلیّة المركّبة الموجبة مركّبة من أربعة أجزاء، وانّ الهلیّة ‏البسیطة الموجبة مركّبة من ثلاثة أجزاء بحذف النسبة الحكمیّة فإنّ مفادها الحكم بثبوت الموضوع لا ثبوت شیء له. وأمّا الهلیّة المركّبة السالبة فمركّبة من ثلاثة أجزاء بحذف الحكم، فإنّ مفادها سلب النسبة الثبوتیّة، وأمّا الهلیّة البسیطة السالبة فثنائیّة لأنّ مفادها سلب ثبوت الموضوع فلیس فیها نسبة حكمیّة ولا حكم. وهذا التفصیل ربما یظهر من كلام صدر المتألّهین،(1) وإن صرّح فی موضع آخر بثبوت‏ النسبة الحكمیّة فی جمیع القضایا.(2)

د) ما اختاره الاُستاذ(دام‌ظله‌العالی) حیث قال فی تعلیقته على الأسفار بعد كلام له: «فقد تحقّق بما قدّمناه أنّ القضایا الموجبة سواء كانت هلیّات بسیطة أو مركّبة ذواتُ أجزاء ثلاثة: الموضوع والمحمول والحكم. والسوالب كائنة ما كانت ذوات جزئین: الموضوع والمحمول. وأمّا النسبة الحكمیّة فإنّما هی تصاحب القضایا من جهة كون المحمولات فی الهلیّات المركّبة موجودة للموضوعات، فیضطرّ الذهن إلى تصوّر ارتباطها بالموضوعات، ثمّ یعمّم الذهن ذلك إلى عامّة القضایا غلطاً منه»(3)


1. راجع: نفس المصدر: ص‌365ـ372.

2. راجع: نفس المصدر: ص‌79.

3. راجع: تعلیقة الاُستاذ على الأسفار: ج‌1، ص‌‌366.

ومثله كلامه الآتی فی المتن.(1) ویستفاد من كلامه ههنا إلحاق الحمل الأوّلیّ بالهلیّة البسیطة.

أقول: إنّ البحث عن القضایا وأجزائها بحث منطقیّ، وربما تعرّض له الفلاسفة لارتباط بعض الأبحاث الفلسفیّة به كما یلاحظ فی هذا الكتاب. فأمّا من الوجهة المنطقیة فلا ریب أنّ قوام القضیّة بما أنّها تصدیق یقابل التصوّر البسیط إنّما یكون بالحكم، ولا معنى لخلوّ قضیّة عنه كائنةً ما كانت، وإلاّ عادت إلى مجموعة من التصوّرات، والحكم یتعلّق بالنسبة بین الموضوع والمحمول، فتعود أجزاء كلّ قضیّة من الوجهة المنطقیّة أربعة.

وأمّا الإشكال بعدم إمكان تحقّق الرابطة بین الشیء ونفسه فی الحمل الأوّلیّ فمندفع بأنّ الموضوع والمحمول فی هذا الحمل وإن كانا متّحدین مفهوماً إلاّ أنّهما متغایران بحسب الوجود فی الذهن، فوجود مفهوم الإنسان فی الذهن مثلاً غیر وجود مفهوم الحیوان الناطق فیه وإن كان المفهوم واحداً. وكذا الإشكال بعدم جواز تحقّق الرابطة بین عدمین أو بین عدم ووجود فإنّه مندفع أیضاً بأنّ الرابطة إنّما تحصل بین المفاهیم الذهنیّة وهی اُمور موجودة لا محالة، وإن لم ‌یوجد لها مصداق فی الخارج. وأمّا الإشكال بأنّ العدم لا شیئیّة له ولا تمایز فلا یكون رابطاً فمندفع بأنّ للعقل أن یعتبر له ثبوتاً وتمایزاً بتبع الوجود، ویعتبره رابطاً بتبع رابطیّة الوجود المنسوب إلیه، فكما أنّ للعقل أن یعتبر عدم العلّة علّة لعدم المعلول فی الخارج فله أن یعتبر عدم ارتباط الموضوع بالمحمول رابطة عدمیّة بینهما. وهذا هو سبب الاستثناء فی كلام الاُستاذ(دام‌ظله‌العالی) بقوله «إلاّ بحسب الاعتبار الذهنیّ». ومفتاح حلّ كثیر من هذه المشكلات هو تحقیق مراتب الذهن كما أشرنا إلیه غیر مرّة.

أمّا من الوجهة الفلسفیّة فالحمل الأوّلیّ بمعنى حمل المفهوم على نفسه خارج


1. راجع: الفصل الثامن من المرحلة الحادیة عشر فی المتن.

عن نطاق البحث الفلسفیّ إطلاقاً، إلاّ أن یعمَّم بحیث یشمل ثبوت الشیء لنفسه فی الخارج، وثبوت المفهوم لمصداقه العینیّ بالذات (الحمل الذاتیّ) ولتحقیق القول فیه مقام آخر. وأمّا الهلیّة البسیطة فالعقل بعد تحلیله المعلوم إلى مهیّة ووجود، وبعد ملاحظته أنّ للمهیّة أن تتّصف بالوجود وأن لا تتّصف یحصل له ثلاثة مفاهیم: موضوع هو المهیّة، ومحمول هو الموجود، ونسبة حاكیة عن الاتّصاف، فإن كانت المهیّة موجودة حكمت النفس بثبوت النسبة وإلاّ لم ‌تحكم بثبوتها. ففی هذا الجوّ التحلیلیّ وفی وعاء الاعتبار الذی ینفكّ فیه حیثیّة المهیّة عن الوجود ویعتبر للمهیّة ثبوت وتقرّر لا مجال لإنكار النسبة بینهما. فبعد هذا التحلیل یكون الحكم فی الهلیّة البسیطة أیضاً بثبوت شیء هو الوجود لشیء آخر هو المهیّة، ویكون من مصادیق القاعدة المعروفة «ثبوت شیء لشیء فرع لثبوت المثبت له» ولهذا یستدلّ بها لإثبات الوجود الذهنیّ كما سیأتی فی محلّه، وإن لم یكن تغایر بینهما فی وعاء الخارج وكان الحكم فی الحقیقة بثبوت شیء لا ثبوت شیء لشیء. فإنكار النسبة فی الهلیة البسیطة یبتنی على نظرة فلسفیّة خاصّة ولا ینافی إثباتها حسب نظرة فلسفیّة اُخرى، كما لا ینافی اثباتها حسب النظرة المنطقیّة.

نعم، یختلف الحكم من الوجهة المنطقیّة والوجهة الفلسفیّة فی السوالب. فمن الوجهة المنطقیّة تكون القضیّة السالبة أیضاً واجدة للحكم بخلافها من الوجهة الفلسفیّة. وهذا الاختلاف أیضاً راجع إلى اختلاف مراتب الذهن كما أشرنا إلیه.

40ـ قوله «انّ الوجودات الرابطة لا مهیّة لها»

قد ظهر ممّا قدّمناه أنّ روابط القضایا مفاهیم حرفیّة لا تحكی عن وجودات عینیّة حتّى یُسأل عن مهیّات تلك الوجودات، خلافاً لما یستشعر من كلام الاُستاذ(دام‌ظله‌العالی) من أنّها تحكی عن نسب وإضافات عینیّة بین مصادیق الموضوعات والمحمولات،

فتلك النسب ـ بناءً على ثبوت وجود عینیّ لها ـ لا تلاحظ استقلالاً حتّى یسأل عن ماهیّاتها فیجاب بمفاهیم مستقلّة، وعلى هذا یصحّ أن یقال لا مهیّة لها. اللّهمّ إلاّ أن یعرض لها الاستقلال بتوجیه الالتفات إلیها، على ما یأتی فی الفصل القادم. لكن بناءً علیه یشكل اعتبار الإضافة حینئذ من الأجناس العالیة، فلیتأمّل.

ولكلام الأستاذ(دام‌ظله‌العالی) تأویل آخر، وهو أنّ روابط القضایا وإن كانت من قبیل المفاهیم غیر المستقلّة إلاّ أنّ لهذه المفاهیم وجوداتٍ فی الذهن تتحقّق بین الموضوعات والمحمولات ولیس لوجوداتها مهیّة، لعدم استقلالها.

وكیف كان فشمول هذا الحكم للوجودات الإمكانیّة العینیّة التی هی روابط بالنسبة إلى الواجب تبارك وتعالى مشكل جدّاً، لاستلزامه نفی أیّ مجال للمهیّة مطلقاً. وغایة ما یمكن أن یقال فی تقریره أنّ هذه الوجودات بما أنّها روابط لا تلاحظ استقلالاً، ولأجل ذلك لا تتقرّر لها مهیّة بهذا اللحاظ، لكن للعقل أن ینظر إلیها بالنظر الاستقلالیّ فینتزع عنها مهیّاتٍ جوهریّةً أو عرضیّة كما ستأتی الإشارة إلیه، فانتظر.

الفصل الثانی

41ـ قوله «هل الاختلاف بین الوجود المستقلّ والرابط اختلاف نوعیّ أو لا؟»

قد مرّ أنّ صدر المتألّهین اختار أنّ إطلاق لفظة «الوجود» على روابط القضایا وعلى الوجود المحمولیّ یكون بالاشتراك اللفظیّ. وقد عبّر عن الاختلاف بینهما بالاختلاف النوعیّ. ومراده أنّ الوجود بمعناه المتعارف والذی ثبت اشتراكه المعنویّ هو الوجود المحمولیّ، وأمّا إطلاق الوجود على رابطة القضیّة فهو بمعنى آخرَ، ویكون الاتّفاق بینهما فی مجرّد اللفظ.

أمّا الاُستاذ(دام‌ظله‌العالی) فقد ذكر فی الفصل السابق تقسیماً للوجود العینیّ إلى الرابط والمستقلّ، ثمّ طرح سؤالاً فی هذا الفصل حول الاختلاف بینهما: هل هو اختلاف نوعیّ أو لا؟ وفسّر الاختلاف النوعیَّ بعدم جواز تبدُّل الوجود الرابط بالوجود المستقلّ بتوجیه الالتفات إلیه مستقلاًّ ـ على حدّ تعبیره ـ واختار هو عدم الاختلاف بینهما بهذا المعنى. وحاصل ما أفاده فی تبیین ما اختاره أنّ وجود المعلول بالنسبة إلى علّته رابط ولا یصحّ انتزاع مهیّة عنه فی هذا اللحاظ، لكنّ العقل ینتزع عن الوجودات الإمكانیّة مهیّات جوهریّة وعرضیّة، ولیس ذلك إلاّ بتوجیه الالتفات إلیها استقلالاً، نظیر الالتفات إلى المعانی الحرفیّة وتفسیرها بالمعانی الاسمیّة كما یقال «مِنْ للابتداء» وهذا دلیل على إمكان تبدّل الوجود الرابط إلى الوجود المستقلّ فی اللحاظ العقلیّ، ویستنتج منه أن لا اختلاف نوعیّاً بینهما بهذا المعنى.

الفصل الثالث

42ـ قوله «ینقسم الموجود فی نفسه...»

لمّا ذكر تقسیم الموجود إلى ما فی نفسه وما فی غیره تعرّض لتقسیم ثانویّ للموجود فی نفسه وهو تقسیمه إلى الموجود لنفسه والموجود لغیره، وقد یسمّى الأخیر بالوجود الرابطیّ والناعت، وهو الذی یصیر منشأ لانتزاع عنوان عرضیّ لموجود آخر لما بینهما من الارتباط الوجودیّ ومثّل له بالأعراض والصور المنطبعة فی المادّة، حیث یكون السواد مثلاً منشأ لانتزاع مفهوم عرضیّ للجسم فینعت بالأسود، وهذا المفهوم لا یعنی تحقُّق جوهر الجسم ولا تحقُّق عرض السواد، بل یحكی عن اتّصافٍ عرضیّ للجسم. وبعبارة اُخرى: فإنّه لا یطرد العدم عن مهیّة الجسم ولا عن مهیّة السواد بل یطرد العدم عن وصف عرضیّ للجسم، كما أن

العلم یطرد وصف الجاهل ـ وهو وصف عدمیّ ـ عن الشخص العالم، ولأجل ذلك فلا یعدّ مفهوماً ذاتیّاً وماهویّاً.

ویقابل الوجودَ الرابطیَّ الوجودُ لنفسه، وقد یسمّى بالمستقلّ. لكن لِیُعْلَمْ أنّ لفظة «المستقلّ» یطلق بالتشكیك على الموجود بنفسه والموجود لنفسه والموجود فی نفسه، فالموجود بنفسه الذی ینحصر فی الواجب تعالى أشدُّ استقلالاً، ویلیه الموجود لنفسه على مراتبه ممّا لا یحتاج إلاّ إلى المبدء المتعالی نازلاً إلى الأنواع الجوهریّة التامّة فی عالم المادّة، ویلیه الموجود الرابطیّ المحتاج إلى الموضوع والمحلّ أیضاً، فإنّ له استقلالاً بالنسبة إلى النسب والإضافات التی یكون وجودها فی غیرها، ولا استقلال لها بوجه من الوجوه. وینعكس الأمر عندما نأخذ من الأضعف الأحوج صاعداً إلى الوجود الرابطیّ ثم إلى النفسیّ الذی لا یحتاج إلى موضوع أو محلّ، ثمّ إلى ما لا یحتاج إلاّ إلى المبدء الأعلى تبارك وتعالى «وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى».(1)

43ـ قوله «ویتبیّن بما مرّ أنّ وجود الأعراض من شؤون وجود الجواهر...»

الذی یتبیّن بما مرّ أنّ لوجود الأعراض ارتباطاً بالجواهر كما أنّ للصور المنطبعة ارتباطاً بموادّها ممّا یبرّر جعلهما نوعین من الموجودات الرابطیّة. وأمّا كون الأعراض من شؤون الجواهر ومراتب وجودها فهو أمر لا یمكن إثباته بنفس ما مرّ من البیان، وإلاّ لدلّ على كون الصور المنطبعة أیضاً من مراتب وجود الموادّ وشؤونها مع أنّه فاسد جدّاً ولذا اقتصر فی موردها بنفی المباینة والانعزال.


1. سورة النجم، الآیة 42.