صوت و فیلم

صوت:

فهرست مطالب

الجلسة الثامنهَ: فائدهَ العمل الخالص

تاریخ: 
چهارشنبه, 19 مرداد, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 10 آب 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

فائدة العمل الخالص

هناك خصم یُدعى النفس

«وَتَوَقَّ مُجَازَفَةَ الْهَوَى بِدَلالَةِ الْعَقْلِ، وَقِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَى بِاسْتِرْشَاءِ الْعِلْمِ، وَاسْتَبْقِ خَالِصَ الأَعْمَالِ لِیَوْمِ الْجَزَاء»1
كنّا نستعرض معاً حدیثاً عن الإمام الباقر (صلوات الله علیه) یخاطب فیه جابر بن یزید الجعفیّ وقد وصلنا إلى الفقرة التی یقول فیها (علیه السلام) ما مضمونه: المؤمن فی هذا العالم هو فی صراع مع نفسه؛ فتارة یغلبها ویصرعها، وتارة هی التی تنتصر علیه فتطرحه أرضاً. لكنّه عندما یقال: إنّنا فی صراع مع النفس یتبادر إلى الذهن السؤال التالی: ما الذی یتعیّن علینا فعله فی هذا الصراع كی نقلّل من احتمال سقوطنا أرضاً، أو أن لا نُصرع أرضاً على الإطلاق؟ ولعلّ هذا هو السبب الذی دفع الإمام (علیه السلام) إلى إلحاق كلامه بالقول: من أجل أن لا تباغتك نفسك فإنّ علیك الاستعانة بالعقل. فإنّ من أبرز الفنون التی یستخدمها المصارع فی نزاله هو محاولته إغفال خصمه عن الحركة الفنّیة التی یهمّ بالقیام بها فیصرعه أرضاً وهو فی غفلة عنه، لأنّ الخصم لا یستطیع فی هذه الحالة أن یتنبّأ بدقّة بما یروم القیام به من حركة. وكلّما كان المصارع أكثر حنكة ومهارة كانت حركاته القادمة أكثر خفاءً على خصمه. وإنّ نفسَ ابن آدم تستخدم عین هذا الاسلوب.

مصطلحات «النفس» و«العقل» و«الهوى»

تختلف معانی مصطلحات «النفس»، و«العقل»، و«الهوى» بحسب موضع استخدامها. ففی العرف لها معانٍ معروفة مستقاة من القرآن والسنّة. كما أنّ لها فی العلوم العقلیّة مدلولات اُخرى لا تتطابق بشكل دقیق مع مصطلحاتها القرآنیّة. بل إنّ كلمة «العقل» فی العلوم العقلیّة هی بمثابة مشترك لفظیّ؛ ذلك أنّ لها فیها بضعة مدلولات لا تربط بعضها ببعض علاقة واضحة؛ فالعقل تارة هو الموجود المجرّد التامّ، واخرى هو الـمُدرِك للكلّیات، وثالثة هو القوّة التی تدرك القضایا البدیهیّة، ورابعة هو القوّة التی تستخرج من القضایا البدیهیّة قضایا نظریّة، وأخیراً هو القوّة الحاكمة فی الأحكام العملیّة والتی تمیّز بین الخیر والشرّ. وكذا الحال تقریباً بالنسبة لمصطلح «النفس»؛ فالنفس فی الاصطلاح الفلسفیّ مرادفة للروح إلى حدٍّ مّا. على أیّة حال لابدّ أن نتجنّب الخلط بین هذه المصطلحات، وأن لا نساوی – على سبیل المثال – بین المصطلحات العقلیّة وما هو مستخدَم فی المحاورات العرفیّة.
ومن المعروف أنّ العقل فی علم الأخلاق یقع فی مقابل النفس. أمّا فی الفلسفة فإنّه لا یقال على الإطلاق: إنّ العقل والنفس هما فی حالة حرب ونزاع فیما بینهما. إذن فصراع الإنسان مع النفس هو مصطلح أخلاقیّ. لكنّ هذه التعابیر تُستخدم أیضاً فی المحاورات العرفیّة.
أمّا موضوع بحثنا فعندما یقال: إنّ الإنسان فی صراع مع نفسه، فهل یعنی ذلك أنّ هناك موجودین؛ أحدهما النفس والآخر الإنسان؟ وهل إنّ نفسی - یا ترى - شخص أجنبیّ عنّی كی تصارعنی؟ من هو «أنا»؟ ولندع الخوض فی توضیح هذه المصطلحات جانباً، لأنّ بحثنا یتناول المصطلحات العرفیّة والأخلاقیّة.

المراد من صراع الإنسان مع نفسه

على أیّة حال فنحن نقرّ بأنّ لدینا عدوّاً داخلیّاً. لأنّ من جملة التعبیرات المشهورة فی الأحادیث هو: «أعدَى عدوّك نفسُك التی بین جَنبَیك»2. إذ تظهر فی وجودنا میول ونزعات مختلفة یمكن تقسیمها بشكل عامّ إلى مجموعتین: 1. النزعات التی یكون المیل الأوّلیّ فیها إلى الصعود والرُقیّ. 2. النزعات التی یكون المیل الأوّلیّ فیها إلى النزول والتسافل. والمجموعة الثانیة هی نزعات حیوانیّة نشترك فیها مع جمیع الحیوانات. ویُطلق على مجموع هذه المیول، أو بتعبیر آخر: على ذلك الجزء من كیاننا الذی تُنسب إلیه تلك المیول، مصطلح «النفس». كما أنّ لنا فی المقابل میولاً اخرى سامیة؛ كحبّ الحقیقة، وحبّ الكمال، وأمثال ذلك، وإنّ الذین یتمتّعون بصفاء الباطن یدركون میلهم إلى التقرّب إلى الله تعالى. ویطلق على أمثال هذه الامور، التی تدعو الإنسان إلى الرُقیّ والتسامی والتقرّب من الله عزّ وجلّ، اسم «العقل» فی مقابل تلك العوامل الحیوانیّة. فهذان المصطلحان هما مصطلحان أخلاقیّان، وفی حقیقة الأمر إنّهما هما اللّذان یتصارعان ویتقاتلان مع بعضهما البعض. بالطبع إنّ ما جاء فی هذه الروایة یختلف بعض الشیء عن هذا المصطلح الأخلاقیّ. فهنا تصوّر الروایة الـ «أنا» فی حالة صراع مع نفسه. فهی لا تقول: العقل یصارع النفس، بل تقول: إنّك أنت فی صراع مع النفس ولابدّ من أن تستخدم العقل. إذن فالمطروح هنا هو ثلاثة امور: 1. «الأنا» التی تتّخذ القرارات، 2. أهواء النفس، 3. العقل.
ولعلّ بإمكاننا القول من أجل تطبیق ذلك مع الاصطلاحات العقلیّة: إنّ كلّ تلك الامور ترجع إلى قوى موجود واحد. فكلّ امرئ هو موجود واحد لیس أكثر وإنّ لهذا الموجود قوى ومراتب وجودیّة مختلفة وهو یكتسب أسماء متنوّعة بحسب القوى المختلفة. وقد ینشأ بین هذه الحاجات تعارض وتضادّ، وعندها سیقال: ثمّة قوّتان تتصارعان مع بعضهما. وفی مثل هذه الحالات یحصل الصراع بین النفس والعقل، وبین الإنسان والنفس. وعلینا الحذر فی هذا الصراع لئلاّ نؤخَذ على حین غرّة. فنشاط النفس یكمن فی حثّنا على إشباع غرائزها. فلیس هناك قاعدة خاصّة لما تریده النفس وتطلبه فی كلّ آن، بل یعتمد ذلك على ظروف معیّنة من قبیل أعمالنا وسلوكیّاتنا، وطبیعة البیئة المحیطة بنا، والحالة الفسلجیّة لنا. إذ لابدّ من تفاعل العدید من العوامل مع بعضها البعض من أجل أن ینشأ عند الإنسان میل معیّن نحو أمر ما. بل إنّ الإنسان نفسه لا یسعه التنبّؤ بشكل دقیق بما ستطلبه نفسه بعد حین. ومن هذا المنطلق فإنّ فعل النفس - كما تعبّر الروایة – یُبنى على المجازفة؛ أی الجزاف، خلافاً للأحكام العقلیّة التی تكون دائماً ضمن ضوابط معیّنة. فإنّ للعقل حكماً فی كلّ موضوع، بل إنّه یقضی حتّى فی التضادّ بین حكمین من أحكامه، وكلّ ذلك یكون قابلاً للتدوین.

استعن بالعقل والعلم!

علینا أن نعلم أنّ الشیء الوحید الذی باستطاعته أن یجعلنا نصمد أمام النفس ونأمن مباغتتها هو الإفادة من قوّة العقل. ومن أجل الإفادة من العقل لابدّ لنا أن نعلم أنّ العقل قابل للتقویة. إذن یتحتّم علینا الإحاطة بأحكام العقل واستخدامه فی مواجهة المیول النفسانیّة؛ تلك المیول التی استجاب لها طیلة فترة العمر، أو التی یستطیع حَدْسها انطلاقاً من تجاربه السابقة إذا لم یكن قد استجاب لها لحدّ الآن. وهذه توجیهات عامّة من شأنها أن تعیینا على عدم التفاجؤ فی المواجهة مع النفس. على سبیل المثال هناك قاعدة عقلیّة عامّة تقول: إذا كنت تسیر على حافّة الوادی فإنّ احتمال سقوطك فیه یكون كبیراً. فإن أردتّ تجنّب السقوط فلابدّ أن تبتعد عن حافّة الوادی قلیلاً! بمعنى: إذا كنت ترغب فی عدم التورّط فی ارتكاب المعصیة فعلیك الابتعاد بعض الشیء عن مواطنها، وذلك باجتناب بعض الامور غیر المحرّمة أیضاً؛ فمثلاً: علیك تجنّب النظرة الاُولى كی لا تقع فی النظرة المحرّمة.
لكنّ هذا الحكم العامّ للعقل لا یكون مجدیاً فی كلّ حال؛ فقد یطرأ أحیاناً أمر لا یستطیع المرء عندها أن یتّخذ قراراً حاسماً فیما إذا كان لابدّ من الإقدام علیه أم لا. فمضافاً إلى الإفادة من قوّة العقل فإنّه یتعیّن علینا فی مثل هذه الحالات تحصیل العلم بهذه الامور كی نعلم ما إذا كان الأمر واجباً أو محرّماً، ونقف على حدود وجوبه وحرمته. فالغیبة للآخرین على سبیل المثال تكون أمراً حراماً تارةً، ومباحاً حیناً، وواجباً طوراً. إذن علینا أن نحیط علماً بجمیع تلك الحدود. ومن هذا المنطلق یقول (سلام الله علیه) فی الجملة التالیة: «قِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَى بِاسْتِرْشَاءِ الْعِلْمِ»؛ فإن غلبتك نفسك وفرضت علیك میلاً إلى أمر معیّن، فعلیك - من أجل أن لا تقع فی الخطیئة - أن تعلم على وجه الدقّة هل كانت إجابة النفس فیما تطلب جائزة أم محرّمة؟ إذ لیست تلبیة كلّ میل من میول النفس محرّمة. فلدینا الكثیر من المباحات المنسجمة مع أهواء النفس ورغباتها. فالتمتّع بالأماكن الطبیعیّة الخلاّبة والمشی على ساحل البحر وما إلى ذلك هی من المباحات الموافقة لهوى النفس. إذن بالإضافة إلى امتلاك قوّة العقل وتقویة هذا الجانب لابدّ من الإفادة من العلم والتفقّه بموارد الحلال والحرام ومواطن السقوط والصعود. وهذا التوجیه یتمّم التوجیهات التی سبقته. فعندما قال (علیه السلام): «علیك الإفادة ممّا لدیك من علم حاضر لدفع الشرور، ومن أجل الإفادة من العلم لابدّ من الإتیان بالعمل الخالص»؛ كان كلامه عن العلاقة بین العلم والعمل. لكنّه (علیه السلام) عندما یقول: «كی لا تخسر المعركة مع النفس فإنّ‌ علیك استخدام العلم» فإنّه یتبادر إلى الذهن السؤال التالی: لقد قلنا سابقاً: إنّ الإفادة من العلم تكون بالعمل الخالص؛ ولكن ما فائدة العمل الخالص؟ وهنا یشیر الإمام (سلام الله علیه) إلى مبدأ جوهریّ للغایة. فالحقیقة هی أنّنا لا نهتمّ كما ینبغی بالدین ومعارفه، ولا نعدّ الدین ضروریّاً أو نعیر للعمل بأحكامه أهمّیة تُذكَر، فضلاً عن اهتمامنا بالعمل الخالص الخالی من أیّ شائبة!

افعل شیئاً ما دمت قادراً على ذلك

یقول البعض: لیس من الضروریّ أن یكون المرء متدیّناً، بل حسبه أن یكون إنساناً صالحاً! وهم یقصدون من الصلاح هنا الصلاح الأخلاقیّ؛ أی أن یكون حسَن الخلق، صادق القول، ...الخ. وهنا یأتی سؤال مفاده: ما هی العلاقة بین الدین والأخلاق؟ فإنّ من المسائل البالغة الأهمّیة والمطروحة على مستویات عالیة فی الأوساط الفلسفیّة العالمیّة هی مسألة ماهیّة العلاقة بین الأخلاق والدین. فالبعض یقول: إنّ للأخلاق علاقةً مباشرة بالدین؛ فلا یمكن أن یكون المرء متخلّقاً من دون اعتقاد راسخ بالدین. والبعض الآخر یقول فی المقابل: إنّ الأخلاق العلمانیّة أمر ممكن؛ إذ من الممكن أن یكون المرء حسن الخلق بعیداً عن أیّ التزام دینیّ.
إنّ تصوّرنا عن الدین والصلاح هو تصوّر خاطئ فی العادة. فعندما یقال لنا: «كونوا اُناساً صالحین» فقلّما یتبادر إلى أذهاننا أنّ ذلك یعنی العمل على ترسیخ معتقداتنا الدینیّة والاهتمام بأعمالنا العبادیّة، ونظنّ أنّ المراد من هذه الجملة هو السعی باتّجاه تحسین أخلاقیّاتنا العامّة. فإن كنّا نرغب حقّاً فی إصدار حكم صائب بخصوص هذه المسائل فلابدّ أن یكون تفكیرنا فیها أكثر عمقاً وشمولیّة. علینا أن نطیل التأمّل فی أقسام الدین المختلفة وكیفیّة ارتباطها مع بعضها البعض؛ كالعلاقة بین المعتقدات والأخلاق، وبین الأخلاق والفقه، ...الخ.
ومن الممكن أن یتبادر إلى الذهن فی مقابل التوصیة بالعمل الصالح السؤال التالی: لماذا یعتبر هوى النفس سیّئاً أساساً؟ فما هو الإشكال فی أن یرغب الإنسان فی تناول طعام لذیذ ومحلّل شرعاً فی نفس الوقت؟ ومَن قال إنّ هوى النفس (وهو ما تطلبه النفس وتمیل إلیه) هو أمر سیّئ؟ ومَن الذی أوصانا حقیقةً بأن نأتی بكلّ عمل خالصاً لوجه الله؟ فما الذی سیحصل إن لم نخلص فی العمل؟ وما العیب فی أن یساعد المرء فقیراً مثلاً ثمّ یحبّ أن یذكره الناس بهذا العمل؟
إنّ هذه الامور تبدو بسیطة وسطحیّة للوهلة الاُولى لكنّها – فی واقع الأمر – تعكس مدى كون ثقافتنا معرّضة للخطر نتیجة الاختلاط مع الثقافات الإلحادیّة المعادیة. فنحن نلاحظ من ناحیة أن الانصیاع لهوى النفس ونزواتها وفقاً للمنطق القرآنیّ هو فی عداد الشرك، وأنّ الثقافة الإسلامیّة تَعدّ الهوى من الاُمور الخطیرة جدّاً التی یتحتّم اجتنابها، لكنّنا نشاهد – من الناحیة الاخرى – أنّ هناك ثقافة تدبّ شیئاً فشیئاً فی أجیالنا المعاصرة تحسّن صورة اتّباع الهوى وتزیل قبح هذا العمل وتحرّض المرء على الردّ على مَن یأمره بالمعروف وینهاه عن المنكر بعبارة: «إنّنی اُحبّ ذلك». هذه الكلمة جاءتنا من الثقافة الغربیّة وهی تُلقَّن للأطفال من خلال الأفلام والبرامج المختلفة. بل حتّى أنّ عبارة: «فی أمان الله» مثلاً أخذت تُحذَف بالتدریج من ثقافتنا.
هذه النزعات الإلحادیّة هی من منجزات عصر الحداثة وما تلا هذا العصر الذی ینادی بضرورة مطالبة الإنسان بحقّه والكفّ عن العمل على أداء الواجب، ویقول: «لقد سعى الإنسان فی طریق أداء التكلیف بما فیه الكفایة والآن علیه المطالبة بحقوقه». هذه الثقافة أمست تتغلغل بهدوء حتّى فی أوساط المسلمین والمتدیّنین فلم نعد نشاهد الیوم من یبنی أمره على العمل بما علیه من واجب إلاّ القلیل.
فإذا أردنا إیجاد حلّ لهذه المسائل فعلینا سبر غور عللها وجذورها وطرح أسئلة من قبیل: أیّ شیء هو أنا؟ ما هی حیاتی الحقیقیّة؟ ما هی اللذّة؟ وهل هی مقتصرة على الطعام والنوم وما إلى ذلك؟ هل هناك حیاة اخرى غیر الحیاة الدنیا؟ هل ثمّة لذائذ اخرى غیر تلك؟ فالذین لا تتخطّى حدود وجودهم الحدود الحیوانیّة لا یرون اللذّة إلاّ فی إشباع البطن والشهوات. لكنّه یوجد فی نفس هذه الحیاة الدنیا من ذاق لذائذ من نمط آخر وهو یصرّح بالشكل القاطع: «لو جُمعت جمیع لذائذ العالم فإنّها لا تقاس بهذه اللذّة». كما أنّهم یقولون من ناحیة اخرى: إنّ الحیاة الدنیا برمّتها لا تساوی قیاساً بالحیاة الأصلیّة أكثر من رمشة عین، وإنّ الحیاة الأصلیّة تبدأ بعد الموت. فالیوم هو یوم العمل، إذ لن یكون هناك مجال للعمل غداً. فإن نحن عملنا على ترسیخ هذه المعتقدات فی أنفسنا فإنّ الكثیر من الإشكالات والمسائل ستُحلّ بصورة سهلة.
«وَاسْتَبْقِ خَالِصَ الأَعْمَالِ لِیَوْمِ الْجَزَاء». ذكرنا أنّ شكر العلم یكون بالعمل به. لكن لابدّ من إنجاز هذا العمل بحیث یكون مفیداً یوم القیامة. ولعلّ فی كلمة «استبق» إشارةً إلى أنّ بعض أعمال الخیر تُنجَز بشكل صحیح فی حینها لكنّها تبطل فیما بعد. ومن هنا یقول عزّ من قائل فی كتابه العزیز: «لا تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَىٰ»3؛ فقد یُنجز العمل الصالح فی وقت معیّن لكنّه یبطل بعمل آخر بعد حین. فهناك من العوامل ما یُبطل أعمال عمر بأكمله فی لحظة واحدة، كالارتداد مثلاً.
إذن فعندما نهمّ بالقیام بفعل خیر فإنّه لابدّ أوّلاً أن نعلم هل كان هذا العمل عملاً صالحاً، وأن نقوم به بالكیفیّة التی ترضی الله عزّ وجلّ. ثانیاً: أن تكون نیّاتنا سلیمة خالصة من الشوائب. ثالثاً: أن نحذر لئلا نأتی بفعل یُبطل ذلك العمل.

وفّقنا الله وإیّاكم إن شاء الله


1. تحف العقول، ص285.

2. عدّة الداعی، ص314؛ وبحار الأنوار، ج67، ص64.

3. سورة البقرة، الآیة 264.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...