صوت و فیلم

صوت:

فهرست مطالب

الجلسة العاشرهَ: کیف نکون اعزاء؟

تاریخ: 
جمعه, 21 مرداد, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 12 آب 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

كیف نكون أعزّاء؟

معنى الحرص والطمع

«وَاطْلُبْ بَقَاءَ الْعِزِّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ، وَادْفَعْ ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ الْیَأْسِ، وَاسْتَجْلِبْ عِزَّ الْیَأْسِ بِبُعْدِ الْهِمَّة»1
كنّا نتأمّل معاً فی حدیث الإمام الباقر (علیه السلام) لجابر بن یزید الجعفیّ وقد تركّز بحثنا السابق حول محاربة الحرص. ونظراً لما یوجد بین الحرص والطمع من علاقة وثیقة فقد أعقبَ (علیه السلام) عبارته بجملة حول الطمع. وحیث إنّ الحدیث یحتوی فی أواخره على بضع فقرات حول الطمع أیضاً فقد رأیت من المناسب استناداً إلى الارتباط المذكور أن نتطرّق إلیها فی بحث الیوم.
الارتباط بین الحرص والطمع واضح؛ فالمناط فی الحرص هو حبّ الزیادة فی الاُمور المادّیة. لكنّ كلمة «الحرص» لها مفهوم عامّ یُستعمل للاُمور الحسنة أیضاً؛ فقد وُصف النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) فی القرآن الكریم بأنّه كان حریصاً على هدایة الناس: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْكُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَّحِیمٌ»2. إذن فالمفهوم اللغویّ للحرص لا ینطوی على معنى سلبیّ. فالإنسان المحبّ للتطوّر والتكامل فی أیّ بعد من الأبعاد والذی لا یرى للسیر فی هذا الطریق حدّاً یقف عنده یسمّى حریصاً. لكنّ مصطلح الحرص الشائع فی ثقافتنا ومباحثنا الأخلاقیّة یختصّ بالحرص على زخارف الدنیا، وهو لذلك مذموم. وهذا یذكّرنا ببعض المفاهیم التی ذكرناها فی مباحثنا السابقة مثل «الهوى» الذی یعنی الحبّ؛ فعلى الرغم من أنّ الحبّ عموماً لیس هو بالأمر السیّئ، لكنّ المراد من الهوى هو ما تطلبه النفس خلافاً للعقل والشرع. وهذا – فی الحقیقة – هو استعمال للكلمة فی معنى أخصّ من معناها اللغویّ.
فالحرص فی الأخلاق یعنی حبّ الإنسان للزیادة فی الاُمور المادّیة والدنیویّة؛ فالحریص على الثروة هو الذی لا یكتفی بأیّ مقدار منها، والحریص على الزواج هو الذی لا یقنع بأیّ زوج، والحریص على المنصب والمقام هو الذی لا یكتفی بأیّ منصب ویحاول دائماً الحصول على منصب أعلى منه. وبقرینة أنّ الحرص یصنَّف ضمن الأخلاق الذمیمة فلابدّ من توفّر واحدة من اللوازم التالیة كی یكون مذموماً: فإمّا أن یكون نفس الأمر المطلوب حراماً، أو أن یكون السبیل للوصول إلیه محرّماً، أو أن یحول السعی وراءه بین الإنسان وبین الواجبات والأعمال التی هی أفضل منه. فأنْ یتقیّد شخصٌ - مثلاً - بكسب المال الحلال، بل وأن ینشغل ذهنه منذ الصباح وحتّى المساء فی كیفیّة زیادة دخله، ولا یخلد إلى الرقاد لیلاً إلاّ وهذه الأفكار تعصف بمخیّلته، ویشاهد فی المنام رؤىً لها علاقة بهذا الأمر، فهذه الحالة - بحدّ ذاتها - لیست محرّمة أو مذمومة، لكن من حیث إنّها تزاحم أداء تكالیفه الواجبة وتحول دون سیره فی طریق تكامله، وتعیقه عن طلب العلم والعبادة وخدمة عباد الله وما إلى ذلك فإنّها تكون مذمومة بالعَرَض.
إنّ إحدى نتائج الحرص وأحد السبل التی تؤمَّن المآرب المشوبة بالحرص من خلالها هی أن یقع المرء فی فخّ التفكیر فی التصرّف بأموال الآخرین. فإذا كان شغل الإنسان الشاغل طیلة نهاره ولیله هو كنز المال الذی یجنیه بعرق جبینه وكدّ یمینه فهی صفة ذمیمة؛ لأنّ ذلك سیعیق القیام بالأعمال الاخرى التی هی أفضل منه ویزید تعلّقه بالدنیا. أمّا الطمع فإنّه یتحقّق عندما یبدأ الإنسان بالتفكیر بالتصرّف فی أموال غیره والانتفاع من المال الجاهز. والشیطان یوسوس لابن آدم لیمدّ یده إلى أموال الآخرین عبر طرق شتّى كالتملّق لأرباب الثروة وأصحاب المناصب والجاه أملاً فی الظفر بشیء من دون مقابل. والأسوأ من ذلك هو الاستحواذ على ما فی حوزة الآخرین بالخداع والحیلة. وما الشركات الهرمیّة (أو الشبكیّة) إلاّ نموذجاً لهذا النمط من الأخلاقیّات. كما أنّ من الطرق الاخرى للاستیلاء على أموال الآخرین هی الاختلاس والسرقة.
هذه الفكرة أساساً إنّما تنشأ عندما یحاول المرء الظفر باللذائذ المادّیة من دون جهد وعناء. وهذا هو قوام مفهوم الطمع. فالطمع هو رغبة المرء فی زیادة ممتلكاته المادّیة (وهو ضمن هذا الحدّ لا یخرج عن نطاق الحرص) بید أنّ هذه الزیادة تتمّ عبر الاستحواذ على ممتلكات الآخرین. ومن هنا فإنّ قبح الطمع مضاعف. إذن فالطمع هو شكل من أشكال الحرص؛ لكنّه حرص یحاول المتّصف به جنی الربح والفائدة من أموال الآخرین، وهذا هو منشأ الطمع.

الطمع إذلال لفطرة الإنسان

مضافاً إلى أنّ الطمع ینطوی على رذیلتین (هما رذیلة الحرص ورذیلة التصرّف بمال الآخرین ظلماً) فإنّ له عیباً باطنیّاً وهو أنّ الشخص الطمّاع یدرك اتّصافه بهذه الرذیلة فی بادئ الأمر لكنّه یعتادُ علیها شیئاً فشیئاً فیفقد، نتیجة لهذه العادة، واحدة من مطالبات الفطرة البشریّة. ولتوضیح هذا المعنى لابدّ من مقدّمة:
فإنّ للإنسان منذ ولادته حاجات متعدّدة وهی تقع ضمن أقسام مختلفة فیما بینها. فقسم منها حاجات جسمانیّة؛ كالحاجة إلى الطعام، والمسكن، والزوج، وما إلى ذلك. والقسم الثانی هی الحاجات النفسیّة وهی ألطف من سابقتها؛ كالحاجة إلى أن یكون محترماً فی المجتمع وغیر محتقَر عند الناس. وهذه الحاجة تظهر لدى الأطفال مبكّراً؛ فالأطفال یحبّون أن یكونوا أعزّاء لدى والدیهم؛ ومن هنا فإنّ إعراض الأبوین عنهم هو أشدّ إیلاماً لهم من العقاب الجسدیّ.
ومن الحاجات الاُخرى هی حبّ الاستقلال الذی یبكّر فی الظهور عند الأطفال أیضاً. فعندما یبدأ الطفل بالخطو مثلاً فهو یحبّ أن یخطو لوحده وأن یفلت یده من قبضة أبیه أو اُمّه عند السیر فی الطریق. فالطفل یشعر بالحاجة إلى الاستقلال والوقوف على قدمیه بنفسه. وهذه صفة حسنة للغایة. إذن فمن المسلّمات أنّ للمرء حاجات ومطالبات اخرى غیر تلك الفسلجیّة والبدنیّة. فمن جملة الحاجات الروحیّة للإنسان هی حبّه الوقوف على قدمیه والاستقلال عن الآخرین. أمّا صفة «الطمع» الذمیمة فإنّها تكون فی مقابل هذه الحالة تماماً؛ فالإنسان المبتلى بالطمع یسعى لتأمین ما لیس بحوزته من أموال الآخرین حتّى وإن اضطرّه ذلك إلى السرقة أو التحایل. وهذا یدلّ على أنّ مثل هذا الإنسان یرجّح لذّته الجسدیّة على لذّة الاستقلال والعزّة والكرامة الذاتیّة وهو مستعدّ لتحمّل ذلّ الحاجة إلى الآخرین والتبعیّة لهم فی سبیل الازدیاد فی المال والثروة، وهو - فی هذه الحالة – إنّما یهبط بفهمه وإدراكه إلى مستوى هو أدنى من مستوى الطفل الذی لیس له من العمر أكثر من سنتین أو ثلاث سنوات، لأنّ الأخیر یدرك حاجته إلى الاستقلال، ویحظى فی المقابل بما یتعلّق بطبیعته الحیوانیّة، وهذا هو ضرب من ضروب الذلّة.

أَمِت الطمع كی تعیش عزیزاً

فالطمع لا یكون بمعزل عن الذلّ أبداً. ومن هنا یقول الإمام الباقر (علیه السلام): «واطلب بقاء العزّ بإماتة الطمع» فأنت أساساً طالبٌ للعزّ والغنى. فإذا رغبت بالإبقاء على عزّك فعلیك أن تقتل الطمع، وإن لم تفعل ذلك أمسیت ذلیلاً لهذا المطلب الشیطانیّ. لكنّ السؤال هنا هو: كیف یمكن إزهاق روح الطمع؟ یقول الإمام (علیه السلام) جواباً على ذلك: «وادفع ذلّ الطمع بعزّ الیأس»؛ فعلیك أن تلقّن نفسك وتربّیها على الیأس ممّا فی أیدی الناس. فالذی یتعوّد على أخذ مساعدة الآخرین، بما فیهم الأبوان والأخ والاُخت والجار ...الخ فسوف یتعوّد بالتدریج على جنی النفع من الآخرین والتطفّل علیهم، وهو بذلك یسلب نفسه استقلاله وكرامته ویشعر بالحقارة ویفرّط بالثقة بنفسه، والشخص العدیم الثقة بنفسه سوف یبتلَى بأصناف العُقَد والأمراض النفسیّة وهو لا یرى لنفسه هویّة أو قیمة.
نُقل عن أحوال المرحوم العلاّمة الطباطبائیّ (رضوان الله تعالى علیه) أنّه قال: «منذ أن بدأتُ بطلب العلوم الدینیّة بشكل جدّی حاولت أن لا أطرح ما یعرض لی فی درسی من معضلات علمیّة على استاذی وأن أجتهد فی حلّها بنفسی عبر التأمّل والمطالعة». فالذی یُكثر من الاستفسار من الآخرین لحلّ ما یعترضه من المشاكل سیصاب بخمول الذهن. لكنّه إذا عزم على حلّ إشكالاته بنفسه مهما أمكن فسیصبح ذهنه وقّاداً وخلاّقاً ودقیقاً. فإنّ من جملة آفات الحیاة المعتمدة على المكائن والدراسة الآلیّة هی تقویض قدرة الذهن. فعلى المدرّسین والمعلّمین أن یحفّزوا فی طلاّبهم روح الاعتماد على النفس والثقة بها، أو أن یقوّوا – على الأقلّ - اعتمادهم على أنفسهم جنباً إلى جنب مع الإفادة من التقنیة الحدیثة والوسائل التعلیمیّة المساعدة.
على أیّة حال فإنّ من بین حاجاتنا الفطریّة هو إحساسنا بالعزّة وإنّ الطمع هو عدوّ هذا الإحساس. فالطمع یُشعر الإنسان دائماً بتبعیّته للآخرین وتطفّله علیهم ویمحق فی نفسه العزّ والكرامة. یقول الإمام (علیه السلام) هنا: «یتعیّن علیك – من أجل إبادة الطمع وإماتته - أن تلقّن نفسك الیأس من مساعدة الآخرین فی جمیع أعمالك وأفعالك». ولا ریب أنّ اكتساب هذه الصفة یحتاج إلى تمرین عملیّ أیضاً. فإن كنتُ بحاجة إلى المال فعلیّ أن أعمل واُؤمّن حوائجی واكسب رزقی بنفسی كی لا أمدّ ید الحاجة إلى أبی أو إلى غیره.
لقد كانت هذه السجایا والطباع فی غابر الأیّام شائعة جدّاً لدى شبّان ذلك العصر، أمّا الیوم فنحن نشاهد – للأسف الشدید – أمارات تدلّ على عكس ذلك. فالشباب فی الماضی كانوا یخجلون أشدّ الخجل من طلب شیء من آبائهم. ففی أوائل مراحل دراستی الحوزویّة كانت الكتب الدراسیّة صعبة المنال جدّاً وقد احتجتُ للقیام ببحث معیّن لجزء من أحد الكتب المعروفة (وهو شرح النظام) حتّى حصلتُ علیه بشقّ الأنفس، لكنّه كان غیر مجلّد ویحتاج إلى تجلید، فأعطانی اُستاذی حینها نفقة تجلیده. لكنّنی لن أنسى أبداً كم أنّنی شعرت بالخجل والحیاء من أن یقوم شخص آخر بدفع نفقة تجلید الكتاب. هذا النمط من الأخلاقیّات قلّماً یُلاحظ الیوم بین شبّاننا وهو أمر سیّئ للغایة. فالطمع هو ذلٌّ حاضر ومدفوع الثمن نقداً وإن كان فی مال الوالد.
إذن فمن أجل أن ننجو من ذلّ الطمع علینا أن نلقّن أنفسنا بأن لا نقبل المساعدة من أحد، أو أن نیأس من مساعدة الآخرین لنا وعلینا أن نسعى بأنفسنا لتولّی اُمورنا وإنجاز أعمالنا الشخصیّة. بهذه الصورة سننجو من ذلّ الطمع ونقف على أرجلنا ویصبح كلّ واحد منّا سیّداً على نفسه؛ حیث: «وادفع ذلّ الطمع بعزّ الیأس». فالله سبحانه وتعالى قد أودع فی كیان المرء الشعورَ بالاستقلال كی یَثبُت ویقف على قدمیه بنفسه.

علیك التحلّی ببُعد الهِمّة كی تكون غنیّاً

إذن ماذا نصنع كی نقوّی حالة الیأس من الآخرین فی نفوسنا؛ أی أن نبنی أمرنا على أنّه ما من أحد یمدّ إلینا ید العون وعلینا أن نؤمّن ما نحتاجه بأنفسنا؟ یقول إمامنا الباقر (علیه السلام) فی هذا الصدد: «واستجلب عزّ الیأس بِبعد الهِمّة»؛ أی: إذا أردت أن تشعر بعدم الحاجة إلى الآخرین فعلیك أن تتّصف بعلوّ الهمّة! فإنّ لعلوّ الهمّة مكانة رفیعة فی الثقافة الإسلامیّة والله جلّ وعلا یحبّ أصحاب الهمم العالیة. فالإنسان ذو الهمّة العالیة یحسّ بالعار من مساعدة الآخرین له، أمّا الإنسان ذو الهمّة المنحطّة فلا یفكّر إلاّ بإشباع بطنه وتلبیة غرائزه الحیوانیّة وهو على استعداد لتحقیر نفسه فی سبیلها. لكنّ الشرف الإنسانیّ لا ینسجم مع هذه الروح المتمثّلة بدناءة الهمّة، فما بالك بالشرف الإسلامیّ.

الجمع بین الثقة بالنفس والتوكّل على الله

ولابدّ من أجل إتمام البحث من ذكر هذه الملاحظة وهی أنّ ما طُرح لحدّ الآن إنّما یتّصل بالعلاقات التی تربط الناس ببعضهم والتی غالباً ما تظهر نتائجها فی الاُمور الدنیویّة والمادّیة. فالطمّاع إنّما یطمع بمال الآخرین، والحریص إنّما یحرص على جمع المال أو ما یشبهه، وإذا یئس فإنّما ییأس من معونة الناس. إذن فنحن - فی جوّ كهذا - إنّما نقیس العلاقات التی تربط بین مختلف البشر، وإنّ الحدیث عن كون «الثقة بالنفس» محبّذة عند علماء النفس، وهو ما یعبَّر عنه فی علم الأخلاق بـ «عزّة النفس» إنّما یتمّ ضمن هذا النطاق. أمّا الأخلاق الإسلامیّة فهی تتخطّى هذه الحدود؛ إذ لابدّ لها أن تسیر باتّجاه التوحید وأن لا تبقى محصورة ضمن هذه القیود. إذن ففی حیّز الأخلاق التوحیدیّة یتعیّن القول: على الرغم من أنّ الإنسان ینبغی أن لا یشعر بالحاجة إلى غیره من البشر، لكن یتحتّم علیه أن یعتقد بأنّ كلّ وجوده هو بحاجة إلى الله تعالى. ففی ذات الوقت الذی یحسّ المؤمن بعدم الاعتماد على الآخرین فإنّ كلّ توكّله یكون على الله عزّ وجلّ.
فالثقة بالنفس والاعتماد علیها هو عملة ذات وجهین؛ وجه سلبیّ ووجه إیجابیّ. فثقة المرء بنفسه تكون مطلوبة عندما لا یكون متّكلاً على الآخرین. والسؤال هنا هو: إذن فبأیّ شخص نثق وعلى مَن نتّكل؟ والجواب على هذا السؤال بما ینسجم مع الأخلاق العامّة هو: كن واثقاً بنفسك. أمّا وفقاً للأخلاق التوحیدیّة فیُقال: ینبغی أن لا یكون اعتمادك إلاّ على الله وأن لا تنظر إلى نفسك على الإطلاق؛ بل إنّ أولیاء الله یَصِلون إلى درجة لا یعتمدون فیها حتّى على الملائكة، كما حصل فی قصّة إبراهیم الخلیل (علیه السلام). فعندما أرادوا قذفه فی النار أتاه جبرئیل (علیه السلام) فقال له: «هل لك من حاجة»؟ فقال: «أمّا إلیك فلا»3؛ فإنّ لی حاجة لكنّ حاجتی إلى الله فحسب. ومن هنا فقد وصل إبراهیم (علیه السلام) بعد مقامی النبوّة والرسالة إلى مقام «الخُلّة» فأصبح خلیل الله سبحانه.
إذن علینا أن نحفظ مثل هذه الروحیّة فی أنفسنا وهی أنّ المرء لیس فقط لا ینبغی أن یتّكل على غیره من البشر، بل علیه أن لا یعتمد حتّى على جبرئیل والملائكة، ولیقل: إنّنی عبدٌ ولیَ ربّ، ولا یلبّی حاجتی إلاّ ربّی. فما الذی بمقدور الآخرین صنعه؟!
إذن لا ینبغی أن نخلط بین مبحث الثقة بالنفس والاعتماد علیها المطروح فی علم النفس وبین التوكّل على الله تعالى. فنطاق هذین الموضوعین مختلف؛ ذلك أنّ قضیّة الثقة بالنفس محصورة فی حدود القیم الإنسانیّة العامّة، لكن عندما یدور الكلام حول القیم التوحیدیّة فلابدّ أن یحُلّ التوكّل على الله والاعتماد علیه محلّ الثقة بالنفس.

وفّقنا الله وإیّاكم إن شاء الله


1. تحف العقول، ص286.

2. سورة التوبة، الآیة 128.

3. بحار الأنوار، ج11، ص62.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...