صوت و فیلم

صوت:
,

فهرست مطالب

الجلسة الاحدی والخمسون: الاجماع الزائف ضد فاطمة علیها السلام

تاریخ: 
چهارشنبه, 14 ارديبهشت, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 11 أیار 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

الإجماع الزائف ضدّ فاطمة (سلام الله علیها)

خلاصة البحث الماضی

وصلنا فی شرحنا للخطبة الفدكیّة المباركة إلى حیث قالت الزهراء (سلام الله علیها) فی مقام الاحتجاج لمن یدعى كونه الخلیفة الأوّل وهو الذی استولى على مزرعة فدك: «إذا لم تقبل بكون فدك نحلة لی من أبی قد أعطانیها فی حیاته عملاً بالأمر الإلهیّ: «وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ»1، فاعترف على الأقلّ بكونها ملكاً لأبی انتقل لوارثیه بعد مماته، وحیث إنّه لا وارث له غیری فلابدّ أن تكون فدك ملكی الآن. فبأیّ ذریعة استولیت علیها؟ ثمّ التفتت نحو الأنصار وبعد أن سردت بعض فضائلهم لامتهم على عدم نصرتهم لجبهة الحقّ. ویمكن أن نخمّن أنّ جوّ المجلس أضحى متشنّجاً عندما وصلت (سلام الله علیها) إلى هذا المقطع من خطبتها. وهنا التفت الخلیفة الأوّل إلى أنّ حالة من التوتّر قد خیّمت على المجلس ولابدّ من ترطیب الأجواء. فشرع بادئ ذی بدء بالثناء على البتول (علیها السلام) بالقول: «جمیعنا ممتنّ لأبیك، وبما أنّك ابنته ووریثته، فنحن نكنّ لك المحبّة والمودّة، بل إنّنی على استعداد لأن أهبك مالی الخاصّ. وإنّ وضع الید على فدك لم یكن خارج نطاق ما ارتأیتُه من مصلحة الاُمّة، ولم أتفرّد فی قراری هذا بل كان بإجماع من المسلمین كافّة. لكنّنی اُقسم أنّنی قد سمعت رسول الله (صلّى الله علیه وآله) یقول: نحن معاشر الأنبیاء لا نورّث وما كان لنا من أموال فهی توضَع تحت تصرّف ولیّ الأمر بعدنا. وقد رأیت من الصلاح إنفاق هذا العِقار على مصالح المسلمین وتأمین نفقات الجهاد».

الكشف عن مؤامرة خطیرة

بطبیعة الحال فقد تأثّر بعض السذّج والذین یمتازون بسطحیّة الفكر من الناس بكلامه إلى حدّ ما، وهذا ما دفع الزهراء (سلام الله علیها) إلى متابعة حدیثها قائلة: «سُبْحَانَ اللهِ مَا كَانَ أَبِی رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَنْ كِتَابِ اللهِ صَادِفاً، وَلا لأَحْكَامِهِ مُخَالِفاً، بَلْ كَانَ یَتْبَعُ أَثَرَهُ وَیَقْفُو سُوَرَه»؛ عجباً! لم یكن أبی لینطق بما یخالف حكم الله. فقد اشتملت مهمّته على تبیین أحكام الله تعالى وكان هو یعمل بها أیضاً. «أَفَتَجْمَعُونَ إِلَى الْغَدْرِ اعْتِلالاً عَلَیْهِ بِالزُّور»؛ فهل تریدون عبر المكر والحیلة أن تنسبوا الخطأ إلى النبیّ لتبرّروا تصرّفاتكم؟! «وَهَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ شَبِیهٌ بِمَا بُغِیَ لَهُ مِنَ الْغَوَائِلِ فِی حَیَاتِه»؛ وهی جملة تحمل الكثیر من الأسرار. إذ تقول فاطمة الزهراء (علیها السلام): «إنّ فعلكم هذا یشبه الغائلة التی نفّذتموها فی زمان حیاة النبیّ (صلّى الله علیه وآله)». وهی هنا تطرح القضیّة بشكل مجمل. غیر أنّ شارحی الخطبة، ولاسیّما ابن أبی الحدید المعتزلیّ، وهو من أهل السنّة، ینقل فی هذا المورد عن أساتذته والمؤرّخین، الذین من جملتهم الواقدیّ فی كتابه «المغازی» حادثة تفصّل هذا الإجمال مفادها أنّ جماعة من المنافقین كانوا قد تآمروا لاغتیال النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله)، فكمنوا له لیلاً عندما كان یمرّ من طریق جبلیّة مخطّطین لإفزاع ناقته كی تنفر وتلقی به (صلّى الله علیه وآله) فی الوادی. لكنّ النبیّ علم بالمؤامرة فباءت مساعیهم بالفشل. ووفقاً للقرائن المتوفّرة، لاسیّما النصّ الذی أورده الواقدیّ فی مغازیه، فإنّ قصد الزهراء (سلام الله علیها) من كلامها هذا هو مؤامرة اغتیال النبیّ (صلّى الله علیه وآله). ومن هنا فهی تقول: إنّ ما تصنعونه بی الیوم أشبه ما یكون بالدسیسة التی حیكت لاغتیال النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) أیّام حیاته، فهذه الواقعة هی استمرار لتلك وأنتم لا تنوون من ذلك غیر إقصائنا كی لا یبقى من هذا البیت ومن أهداف النبیّ الأعظم أثر یُذكر.
«هذَا كِتَابُ اللهِ حَكَماً عَدْلاً، وَنَاطِقاً فَصْلاً» فإن لم تكونوا تبیّتون غرض سوء وأنّ التكلیف قد التبس علیكم حقّاً فارجعوا إلى القرآن الكریم واعملوا بما یحكم به، فهو یَقُولُ: «یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ»2 وهی (سلام الله علیها) ترمی بالاستشهاد بهذه الآیة إلى القول: إذا كان ما تقوله - من أنّ الأنبیاء لا یورّثون - صحیحاً فلابدّ أن یكون أنبیاء الله (علیهم السلام) أنفسهم مطّلعین على هذه المسألة. فإن كان الأمر كذلك فلماذا یسأل نبیّ الله زكریّا (علیه السلام) الله تعالى الوارث؟ ثمّ تذكر (علیها السلام) آیة اُخرى تنقض هذا الادّعاء بكلّ صراحة فتقول: «وَوَرِثَ سُلَیْمانُ دَاوُدَ»3. فلو كانت قضیّة عدم توریث الأنبیاء قاعدة ثابتة فكیف یقول تعالى فی كتابه العزیز: «وَوَرِثَ سُلَیْمانُ دَاوُدَ»؟ وفی ذلك دلیل ناصع على أنّ هذا الحدیث غیر صائب، أو – غایة ما فی الأمر – أنّنا یمكن أن نعلّل قولك بأنّك أخطأت فی سماع كلام رسول الله (صلّى الله علیه وآله)، فقد یكون الحدیث هكذا: «إنّ العلماء ورثة الأنبیاء. إنّ الأنبیاء لم یوَرِّثوا دیناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم، فمَن أخذ منه أخذ بحظّ وافر»4؛ ومعناه أنّنا معاشر الأنبیاء لا نترك لاُمَمنا مالاً بعنوان الإرث، بل إنّ اُممنا ترث منّا العلم. فالغایة من هذا الكلام هی تشجیع الناس على طلب ما تركه لهم أنبیاؤهم من العلوم والمعارف، وهو لا یعنی أنّه من حیث كون النبیّ فرداً من أفراد المجتمع وأنّه خاضع للأحكام الإلهیّة فهو لا یورّث أمواله لأبنائه كما یفعل سائر أفراد الاُمّة. إذن فلا یمكن أن یكون ما تزعم - من أنّ ما تركه النبیّ یكون تحت تصرّف ولیّ الأمر من بعده - صحیحاً لأنّه یخالف صریح القرآن الكریم.
«وَبَیَّنَ عَزَّ وَجَلَّ فِیمَا وزّعَ مِنَ الأَقْسَاطِ، وَشَرَعَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْمِیرَاثِ، وَأَبَاحَ مِنْ حَظِّ الذُّكْرَانِ وَالإِنَاثِ مَا أَزَاحَ بِهِ عِلَّةَ الْمُبْطِلِینَ، وَأَزَالَ التَّظَنِّیَ وَالشُّبُهَاتِ فِی الْغَابِرِینَ» فلقد أنزل الله تعالى فی كتابه آیات فی الإرث وعیّن فیها سهم كلّ وارث وبیّن الاختلاف بین إرث الذكر والانثى. وهو یقول فی كتابه: كلّ المسلمین یرثون من مورّثیهم. وبناء علیه فلا مجال للشبهة التی تطرحون وهی أنّ أباكِ لم یترك لكِ مالاً ترثینه وأنّ كلّ ما تركه یجب أن یُنفق على مصالح المسلمین. فحكم القرآن هذا لا یتضمّن الاستثناء وهو جارٍ على كلّ مسلم.
كَلاّ «بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِیلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلَىٰ ما تَصِفُونَ»5 وهی تقتبس هنا الآیة الواردة فی قصّة یوسف الصدیق (علیه السلام)؛ حیث إنّه عندما ألقى إخوة یوسف (علیه السلام) به فی غیاهب البئر وجاءوا أباهم بقمیص یوسف الملطّخ بالدماء قالوا له: لقد تركنا یوسف عند متاعنا فلمّا عدنا وجدنا أنّ الذئب قد أكله ولم یبق منه سوى هذا القمیص الملطّخ بالدماء. فقال نبیّ الله یعقوب (علیه السلام): «كلّ ما تقولونه وتبیّنونه إنّما هو من تصویرات النفس والشیطان؛ أی إنّكم تكذبون علیّ وتریدون خداعی. لكنّنی سأصبر صبراً جمیلاً وسأستعین بالله الواحد الأحد على ما تزعمون». فتلاوة مولاتنا الزهراء (سلام الله علیها) لهذه الآیة على مسامعهم یعنی قولها: كما قد كذب أبناء یعقوب (علیه السلام) على أبیهم فإنّكم تكذبون علیّ وتحوكون لی الحیل والمكائد لكنّه لابدّ أن أصبر فی مثل هذه الأحوال حتّى یحكم الله بحكمه.

حیلة اُخرى حِیكت لفاطمة (علیها السلام)

لم یصل الخلیفة بعد الكلمات الأخیرة التی أدلت بها بضعة الرسول (علیها السلام) إلى مبتغاه، فقد كان یبتغی من كلّ تلك الإطراءات والكلام المعسول بحقّ الزهراء البتول (علیها السلام) أن یهدّئ الأجواء المتوتّرة لیبلغ الى ما یصبو إلیه من مآرب. لكنّ كلمات فاطمة (سلام الله علیها) قلبت الوضع من جدید وأدرك الناس حینها أنّ القضیّة هی غیر ما یُدَّعى فالزهراء تقول: إنّكم تمارسون التحایل، وتختلقون الأكاذیب، وتریدون تكرار تلك المؤامرة التی حاولتم من خلالها قتل النبیّ (صلّى الله علیه وآله). یاله من كلام عجیب!
ولـمّا شاهد أنّ الأجواء قد انقلبت مرّة اُخرى انبرى بالكلام ثانیة فقال: «صدق اللهُ ورسولُه وصدقت ابنتُه» فلقد تلوت علینا آیات من القرآن الكریم وإنّ الله ورسوله صادقان فیما یقولان، كما وأنّك صادقة أیضاً باعتبارك ابنة ذلك الرسول. وتابع الكلام المعسول قائلاً: «أنتِ معدن الحكمة، وموطن الهدى والرحمة، وركن الدین، وعین الحجّة» وهی أوصاف عجیبة للغایة! بالطبع عندما تكون الغایة هی إطفاء غضب المقابل وإخماد سخطه فإنّه یقال له: «لا اعتراض لدینا على ما تقول، فإنّنا نكنّ لك كلّ الإخلاص والولاء». وانطلاقاً من هذا المنطلق بدأ بالقول: إنّنی لا اكذّبك قطّ! وسطّر هذه الصفات العجیبة للزهراء (سلام الله علیها)؛ فقد وصفها بركن الدین، والركن من البناء إنْ خُرِّب هَوى البناء برمّته؛ إذن فهو یقول لها: إنّك تمتلكین هذه المنزلة والمكانة من الدین وأنا مؤمن بذلك، «لا ادلی بجوابك، ولا أدفعك عن صوابك لا أُبَعِّد صوابكِ، ولا أُنكِر خطابك، هؤلاء المسلمون بینی وبینكِ قلّدونی ما تقلّدتُ، وباتّفاق منهم أخذتُ ما أخذتُ، غیر مُكابر ولا مستبِدّ ولا مستأثر، وهم بذلك شهود»؛ لقد ذكرتِ اُموراً لا اُكذّبها، لكنّنی لن أعمد إلى الإجابة فلا اُرید الاستمرار فی هذا البحث ولا الردّ على ما تقولینه، وسأترك الأمر من الآن فصاعداً إلى المسلمین كی یحكموا بأنفسهم. إنّنی لم أتولّ هذا المنصب باختیار منّی، بل قلّدنی إیّاه المسلمون. كما أنّ الاستیلاء على فدك لم یكن برأیی الشخصیّ بل كان باتّفاق جمیع المسلمین! فلم أشأ أن أستبدّ برأیی أو أن أستأثر بشیء لنفسی. فالناس هم الحكم بینی وبینك، وأنا اُوافق على كلّ ما تُجمع علیه كلمة المسلمین! وإنّ الناس لشهود على أنّنی لم أقم بهذا الأمر بمفردی.
فی الحقیقة عندما لم یعثر الخلیفة فی مقابل آیات القرآن الكریم وكلام الصدّیقة الطاهرة (سلام الله علیها) على ردّ مقنع، ولم تكن الأجواء لتسمح بإطالة البحث فی هذه المسألة أكثر من ذلك فقد رأى أنّ أنجع السبل للتخلّص من هذا المأزق هو وضع الزهراء (علیها السلام) فی مواجهة المسلمین. ومن هنا فقد حاول الإیحاء بأنّه طالما أنّ جمیع الناس قد وافقوا على كلّ ما حصل، فإنّ كلّ ما مضى من الأعمال فهو صحیح وصائب. ویشیر أمیر المؤمنین (صلوات الله علیه) فی بیانه لهذه القصّة إلى أنّ القوم ومن أجل غصب الخلافة وفدك منّا فقد استندوا إلى إجماع المسلمین قائلین: «إنّ الله لا یجمع اُمّتی على ضلال»6

مناقشة هذا الإجماع المزعوم

من المناسب هنا أن یتمّ إخضاع مسألة الإجماع المذكور إلى بحث وتحلیل من بُعدها التاریخیّ كی یُكشف عن ماهیّة هذا الإجماع أوّلاً، وما یحمله من حجّیة بخصوص هذه المسألة ثانیاً، وأنّه لماذا لم ینطق أحد بشیء بعد الاستناد إلى هذا الإجماع ثالثاً.
فأمّا الإجماع على الخلافة فهو أشبه بالهزل منه بالجدّ. فواقعة السقیفة - التی ینقلها مؤرّخو أهل السنّة ومحدّثوهم أنفسهم - كانت قد ابتدأت بنزاع وقع بین طائفتین من الأنصار على الخلافة فی السقیفة. وعندما علم نفر من المهاجرین (ممّن تسلّموا مقالید الخلافة فیما بعد) بالأمر هرعوا من فورهم إلى السقیفة واشتبكوا مع القوم هناك. أمّا الخلیفة الثانی فیروی الواقعة بالقول: «فارتفعت الأصوات وكثر اللغط فلمّا أشفقتُ من الاختلاف قلت لأبی بكر: اُبسط یدك أبایعك. فبسط یده فبایعته وبایعه المهاجرون وبایعه الأنصار وانتهى الأمر ولم ینطق أحد بشیء بعدها»7! هذا هو «الإجماع» المزعوم. وقد رُوی عن الخلیفة الثانی قوله أیضاً: «إنّ بیعة أبی بكر كانت فلتة... غیر أنّ الله وقى شرّها»8! فلو كان الأمر محطّ اتّفاق المسلمین وإجماعهم، وأنّهم لم یختلفوا فیه، بل ولم یخطئوا فیه أیضاً، فما بال الخلیفة الثانی یقول: «فلتةٌ وقى الله شرّها»! وكیف یقول یا ترى: «فلمّا أشفقتُ من الاختلاف قلت لأبی بكر: اُبسط یدك أبایعك»! فإن كانت القضیّة قضیّة إجماع كان لابدّ من جمع الآراء والإدلاء بالأصوات. وكان یتحتّم علیهم – على الأقلّ – أن یسألوا الآخرین عن آرائهم، ویمنحوا كلّ امرئ الفرصة لإبداء رأیه بحرّیة. كیف یتمّ الحدیث عن الإجماع وقد وصل الأمر فی بدایته إلى سلّ السیوف من أغمادها فعمد هو إلى بسط یده إلى أبی بكر لمبایعته وقایةً من إراقة الدماء؟! ثمّ یقول بعدها بلسانه: كان ما قمنا به تصرّفاً غیر مدروس؟! فلم یكن هؤلاء یمثّلون جمیع الاُمّة. ألم یكن سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار والآخرون من الاُمّة؟! ولو افترضنا أنّ الإجماع كان قد حصل على الخلافة وعلى غصب فدك، فالسؤال هو: مَن هم الذین شاركوا بآرائهم فی هذا الإجماع؟! أین الوثیقة التی تثبت أنّ الناس قد قالوا لهم: هلمّوا وقوموا بهذا الأمر؟ لقد استند الخلیفة الأوّل بنفسه إلى حدیث رواه عن النبیّ مفاده أنّ صلاحیّة التصرّف فی الأموال التی أترُكها تكون لولیّ الأمر من بعدی. فحتّى لو صحّ هذا الحدیث لتعیّن – على أساس البیعة التی أخذها رسول الله (صلّى الله علیه وآله) من المسلمین فی غدیر خمّ قبل سبعین یوماً فقط – جعلها تحت تصرّف علیّ (علیه السلام) لا أن یُخرِجوا وكیل علیّ والزهراء (سلام الله علیهما) من العِقار ویستولوا علیه!
وعلى أیّة حال فقد كانت هذه الواقعة، كما عبّرت عنها الزهراء (سلام الله علیها)، مؤامرة وغائلة خطیرة للغایة تشبه تلك التی حاكوها لقتل النبیّ فیما مضى. فلا ینبغی أن نغفل عن هذه النقطة وهی أنّ مولاتنا فاطمة (علیها السلام) قد استخدمت فی حقّ هؤلاء مثل هذه العبارات، واستشهدت لذلك بآیات قد نزلت فی الكفّار والمشركین والمنافقین، وأنّها شبّهت هذا التیّار بأبناء یعقوب (علیه السلام) كلّ ذلك كی یعرف ولو نفر من المسلمین حقیقة الإسلام ویشخّصوا سبیله القویم ویفهموا ممّن یجب أن یأخذوا معارف دینهم. فلو قال قائل إنّه: «لولا خطبة فاطمة الزهراء (سلام الله علیها) هذه لما عُثر الیوم على أثر للتشیّع» لم یكن كلامه جزافاً. فبقاء التشیّع بل وحتّى التراث الذی ورثه أهل السنّة من معارف أهل البیت (علیهم السلام) هو رهن بهذه الخطبة الشریفة.
نسأل الله العلیّ القدیر أن لا یحرمنا من موالاتها فی الدنیا والآخرة.

والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته


1. سورة الإسراء، الآیة 26.

2. سورة مریم، الآیة 6.

3. سورة النمل، الآیة 16.

4. الكافی، ج1، ص34.

5. سورة یوسف، الآیة 18.

6 . الإحتجاج علی أهل اللجاج للطبرسی، ج 1، ص 115؛ الخصال للشیخ الصدوق، ج 2، ص 549.

7. تاریخ الطبری، ج2، ص446 - 447.

8. تاریخ الطبری، ج2، ص446؛ وفی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید المعتزلی، ج2، ص26 جاءت العبارة عن قول الخلیفة الثانی هكذا: «... كانت فلتة وقى الله شرها».

 

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...